الدين زنكي ابن آقسنقر فأسر عنتر وأسر معه بديل بن زائدة، ثم انهزم عسكر دبيس وألقوا أنفسهم في الماء، فغرق كثير منهم، فأمر الخليفة بضرب أعناق الأسارى صبرا بين يديه، وحصل نساء دبيس وسراريه تحت الأسر، وعاد الخليفة إلى بغداد فدخلها في يوم عاشوراء من السنة الآتية، وكانت غيبته عن بغداد ستة عشر يوما، وأما دبيس فإنه نجا بنفسه وقصد غزية ثم إلى المنتفق فصحبهم إلى البصرة فدخلها ونهبها وقتل أميرها، ثم خاف من البرشقي فخرج منها وسار على البرية والتحق بالفرنج، وحضر معهم حصار حلب، ثم فارقهم والتحق بالملك طغرل أخى السلطان محمود. وفيها ملك السلطان سهام الدين تمراش بن إيلغازي ابن أرتق قلعة ماردين بعد وفاة أبيه، وملك أخوه سليمان ميافارقين. وفيها ظهر معدن نحاس بديار بكر قريبا من قلعة ذي القرنين. وفيها دخل جماعة من الوعاظ إلى بغداد فوعظوا بها، وحصل لهم قبول تام من العوام. وحج بالناس قطز الخادم.
[وممن توفى فيها من الأعيان.]
[عبد الله بن أحمد]
ابن عمر بن أبى الأشعث، أبو محمد السمرقندي، أخو أبى القاسم، وكان من حفاظ الحديث، وقد زعم أن عنده منه ما ليس عنده أبى زرعة الرازيّ، وقد صحب الخطيب مدة وجمع وألف وصنف ورحل إلى الآفاق، توفى يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول بها عن ثمانين سنة.
[على بن أحمد السميرمى]
نسبة إلى قرية بأصبهان، كان وزير السلطان محمود، وكان مجاهرا بالظلم والفسق، وأحدث على الناس مكوسا، وجددها بعد ما كانت قد أزيلت من مدة متطاولة، وكان يقول: قد استحييت من كثرة ظلم من لا ناصر له، وكثرة ما أحدثت من السنن السيئة، ولما عزم على الخروج إلى همذان أحضر المنجمين فضربوا له تخت رمل لساعة خروجه ليكون أسرع لعودته، فخرج في تلك الساعة وبين يديه السيوف المسلولة، والمماليك الكثيرة بالعدد الباهرة، فما أغنى عنه ذلك شيئا، بل جاءه باطني فضربه فقتله، ثم مات الباطني بعده، ورجع نساؤه بعد أن ذهبن بين يديه على مراكب الذهب، حاسرات عن وجوههن، قد أبدلهن الله الذل بعد العز، والخوف بعد الأمن، والحزن بعد السرور والفرح، جزاء وفاقا، وذلك يوم الثلاثاء سلخ صفر، وما أشبه حالهن بقول أبى العتاهية في الخيزران وجواريها حين مات المهدي:
رحن في الوشي عليهنّ المسوح … كل بطاح من الناس له يوم يطوح
لتموتن ولو عمرت ما عمر نوح … فعلى نفسك نح إن كنت لا بد تنوح
[الحريري صاحب المقامات]
القاسم بن على بن محمد بن محمد بن عثمان، فخر الدولة أبو محمد الحريري. مؤلف المقامات التي