للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المدة التي أقلها سنتان من حين التحريم أو قريب منها فكيف ردها عليه بالنكاح الأول؟ فقال قائلون يحتمل أن عدتها لم تنقض وهذه قصة يمين يتطرق اليها الاحتمال، وعارض آخرون هذا الحديث بالحديث الأول الّذي رواه احمد والترمذي وابن ماجة من حديث الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله رد بنته على أبى العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد. قال الامام احمد هذا حديث ضعيف واه ولم يسمعه الحجاج من عمرو بن شعيب إنما سمعه من محمد بن عبيد الله العرزميّ والعرزميّ لا يساوى حديثه شيئا والحديث الصحيح الّذي روى أن النبي أقرها على النكاح الأول. وهكذا قال الدارقطنيّ لا يثبت هذا الحديث والصواب حديث ابن عباس أن رسول الله ردها بالنكاح الأول وقال الترمذي هذا الحديث في اسناده مقال والعمل عليه عند أهل العلم أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها ثم أسلم زوجها أنه أحق بها ما كانت في العدة وهو قول مالك والأوزاعي والشافعيّ واحمد وإسحاق. وقال آخرون بل الظاهر انقضاء عدتها، ومن روى أنه جدد لها نكاحا فضعيف ففي قضية زينب والحالة هذه دليل على أن المرأة إذا أسلمت وتأخر إسلام زوجها حتى انقضت عدتها فنكاحها لا ينفسخ بمجرد ذلك بل يبقى بالخيار إن شاءت تزوجت غيره وإن شاءت تربصت وانتظرت إسلام زوجها أي وقت كان وهي امرأته ما لم تتزوج وهذا القول فيه قوة وله حظ من جهة الفقه والله أعلم. ويستشهد لذلك بما ذكره البخاري حيث قال نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن حدثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس كان المشركون على منزلتين من رسول الله والمؤمنين، كانوا مشركي أهل الحرب يقاتلونهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، فكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت حل لها النكاح، فان هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه وإن هاجر عبد منهم أو أمة فهما حران ولهما ما للمهاجرين ثم ذكر من أهل العهد مثل حديث مجاهد هذا لفظه بحروفه، فقوله فكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر يقتضي أنها كانت تستبرئ بحيضة لا تعتد بثلاثة قروء، وقد ذهب قوم إلى هذا وقوله فان هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت اليه يقتضي أنه وإن هاجر بعد انقضاء مدة الاستبراء والعدة أنها ترد إلى زوجها الأول ما لم تنكح زوجا غيره كما هو الظاهر من قصة زينب بنت النبي وكما ذهب اليه من ذهب من العلماء والله أعلم.

[فصل فيما قيل من الاشعار في غزوة بدر العظمى]

فمن ذلك ما ذكره ابن إسحاق عن حمزة بن عبد المطلب وأنكرها ابن هشام:

ألم تر أمرا كان من عجب الدهر … وللحين أسباب مبينة الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>