للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَ قِصَّةَ خُرُوجِهَا وَرَدِّهِمْ لَهَا وَوَضْعِهَا مَا فِي بَطْنِهَا وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ لِتَجِيءَ مَعَهُ فَتَلَطَّفَ زَيْدٌ فَأَعْطَاهُ رَاعِيًا مِنْ مَكَّةَ فَأَعْطَى الْخَاتَمَ لِزَيْنَبَ فَلَمَّا رَأَتْهُ عَرَفَتْهُ فَقَالَتْ مَنْ دَفَعَ إِلَيْكَ هَذَا؟ قَالَ رَجُلٌ فِي ظَاهِرِ مَكَّةَ فَخَرَجَتْ زَيْنَبُ لَيْلًا فَرَكِبَتْ وَرَاءَهُ حَتَّى قَدِمَ بِهَا الْمَدِينَةَ. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي أُصِيبَتْ فِيَّ» قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ فَأَتَى عروة فقال ما حديث بلغني أنك تحدثته؟ فَقَالَ عُرْوَةُ وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَأَنِّي أَنْتَقِصُ فَاطِمَةَ حقا هو لها وأما بعد ذلك أن لا أحدث به أَبَدًا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ أَوْ أَبُو خَيْثَمَةَ أخو بنى سالم ابن عَوْفٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ هِيَ لِأَبِي خَيْثَمَةَ:

أنانى الَّذِي لَا يَقْدُرُ النَّاسُ قَدْرَهُ ... لِزَيْنَبَ فِيهِمْ مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَمِ

وَإِخْرَاجُهَا لَمْ يُخْزَ فِيهَا مُحَمَّدٌ ... عَلَى مَأْقِطٍ وَبَيْنَنَا عِطْرُ مَنْشِمِ

وَأَمْسَى أَبُو سُفْيَانَ مِنْ حِلْفِ ضَمْضَمٍ ... وَمِنْ حَرْبِنَا فِي رَغْمِ أَنْفٍ وَمَنْدَمِ

قَرَنَّا ابْنَهُ عَمْرًا وَمَوْلَى يَمِينِهِ ... بِذِي حَلَقٍ جَلْدِ الصَّلَاصِلِ مُحْكَمِ

فَأَقْسَمْتُ لَا تَنْفَكُّ مِنَّا كَتَائِبٌ ... سَرَاةُ خَمِيسٍ مَنْ لُهَامٍ مُسَوَّمِ

نَرُوعُ قُرَيْشَ الْكُفْرِ حَتَّى نَعُلَّهَا ... بِخَاطِمَةٍ فَوْقَ الْأُنُوفِ بِمِيسَمِ

نُنَزِّلُهُمْ أَكْنَافَ نَجْدٍ وَنَخْلَةٍ ... وَإِنْ يُتْهِمُوا بِالْخَيْلِ وَالرَّجْلِ نُتْهِمِ

يدي الدَّهْرِ حَتَّى لَا يُعَوَّجَّ سِرْبُنَا ... وَنُلْحِقُهُمْ آثَارَ عَادٍ وَجُرْهُمِ

وَيَنْدَمُ قَوْمٌ لَمْ يُطِيعُوا مُحَمَّدًا ... عَلَى أَمْرِهِمْ وَأَيُّ حِينِ تَنَدُّمِ

فَأَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ إِمَّا لَقِيتَهُ ... لَئِنْ أَنْتَ لَمْ تُخْلِصْ سُجُودًا وَتُسْلِمِ

فَأَبْشِرْ بِخِزْيٍ فِي الْحَيَاةِ مُعَجَّلٍ ... وسر بال قَارٍ خَالِدًا فِي جَهَنَّمَ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَمَوْلَى يَمِينِ أَبِي سُفْيَانَ الَّذِي عَنَاهُ الشَّاعِرُ هُوَ عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ إِنَّمَا هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَأَمَّا عَامِرُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ فَإِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الدَّوْسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً أَنَا فِيهَا فَقَالَ «إِنْ ظَفِرْتُمْ بِهَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَالرَّجُلِ الَّذِي سَبَقَ مَعَهُ إِلَى زَيْنَبَ فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ» فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ بَعَثَ إِلَيْنَا فَقَالَ «إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بتحريق هذين الرجلين إن أخذتموها، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْرِقَ بِالنَّارِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِهِمَا فَاقْتُلُوهُمَا» تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وهو على شرط السنن [١] ولم يخرجوه


[١] كذا في المصرية وفي الحلبية على شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>