وقال البخاري حدثنا قتيبة ثنا الليث عن بكير عن سليمان بن يسار عن أبى هريرة أنه قال بعثنا رسول لله ﷺ في بعث فقال «إن وجدتم فلانا وفلانا فاحرقوهما بالنار» ثم قال حين أردنا الخروج «إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا وأن النار لا يعذب بها إلا الله، فان وجدتموها فاقتلوهما» وقد
ذكر ابن إسحاق أن أبا العاص أقام بمكة على كفره واستمرت زينب عند أبيها بالمدينة حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص في تجارة لقريش، فلما قفل من الشام لقيته سرية فأخذوا ما معه وأعجزهم هربا وجاء تحت الليل إلى زوجته زينب فاستجار بها فأجارته، فلما خرج رسول الله ﷺ لصلاة الصبح وكبر وكبر الناس صرخت من صفة النساء أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلّم رسول الله ﷺ أقبل على الناس فقال «أيها الناس هل سمعتم الّذي سمعت» قالوا نعم! قال «أما والّذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء حتى سمعت ما سمعتم وإنه بجير على المسلمين أدناهم» ثم انصرف رسول الله ﷺ فدخل على ابنته زينب فقال «أي بنية أكرمى مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له» قال وبعث رسول الله ﷺ فحثهم على رد ما كان معه فردوه بأسره لا يفقد منه شيئا فأخذه أبو العاص فرجع به إلى مكة فاعطى كل إنسان ما كان له ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟ قالوا لا فجزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيا كريما، قال فانى أشهد إنما لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، والله ما منعني عن الإسلام عنده ألا تخوف أن تظنوا أنى إنما أدرت أن آكل أموالكم فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت. ثم خرج حتى قدم على رسول الله ﷺ. قال ابن إسحاق: فحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال رد عليه رسول الله ﷺ زينب على النكاح الأول ولم يحدث شيئا، وهذا الحديث قد رواه الامام احمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث محمد بن إسحاق، وقال الترمذي ليس باسناده بأس ولكن لا نعرف وجه هذا الحديث ولعله قد جاء من قبل حفظ داود بن الحصين. وقال السهيليّ لم يقل به أحد من الفقهاء فيما علمت وفي لفظ ردها عليه رسول الله ﷺ بعد ست سنين، وفي رواية بعد سنتين بالنكاح الأول رواه ابن جرير وفي رواية لم يحدث نكاحا وهذا الحديث قد أشكل على كثير من العلماء فان القاعدة عندهم أن المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر فان كان قبل الدخول تعجلت الفرقة وإن كان بعده انتظر إلى انقضاء العدة فان أسلم فيها استمر على نكاحها وإن انقضت ولم يسلم انفسخ نكاحها وزينب ﵂ أسلمت حين بعث رسول الله ﷺ وهاجرت بعد بدر بشهر وحرم المسلمات على المشركين عام الحديبيّة سنة ست، وأسلم أبو العاص قبل الفتح سنة ثمان فمن قال ردها عليه بعد ست سنين أي من حين هجرتها فهو صحيح ومن قال بعد سنتين أي من حين حرمت المسلمات على المشركين فهو صحيح أيضا، وعلى كل تقدير فالظاهر انقضاء عدتها في