وركبوا عليه وأحاطوا بقصر الخلافة وهو عند المستعين، ولم يمكنه منعه منهم ولا دفعهم عنه، فأخذوه صاغرا فقتلوه وانتهبوا أمواله وحواصله ودوره، واستوزر الخليفة بعده أبا صالح عبد الله بن محمد ابن يزداد، وولى بغا الصغير فلسطين، وولى وصيفا الأهواز، وجرى خبط كثير وشر كثير، ووهن الخليفة وضعف. وتحركت المغاربة بسامراء في يوم الخميس لثلاث خلون من جمادى الآخرة، فكانوا يجتمعون فيركبون ثم يتفرقون. وفي يوم الجمعة لخمس بقين من جمادى الأولى، وهو اليوم السادس عشر من تموز، مطر أهل سامرا مطرا عظيما برعد شديد، وبرق متصل وغيم منعقد مطبق والمطر مستهل كثير من أول النهار إلى اصفرار الشمس، وفي ذي الحجة أصاب أهل الري زلزلة شديدة جدا، وتبعتها رجفة هائلة تهدمت منها الدور ومات منها خلق كثير، وخرج بقية أهلها إلى الصحراء. وفيها حج بالناس عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الامام وهو والى مكة.
[وفيها توفى من الأعيان]
أيوب بن محمد الوزان. والحسن بن الصباح البزار صاحب كتاب السنن.
ورجاء بن مرجا الحافظ. وعبد بن حميد صاحب التفسير الحافل. وعمرو بن على الفلاس
[وعلى بن الجهم]
ابن بدر بن مسعود بن أسد القرشي السامي من ولد سامة بن لؤيّ الخراساني ثم البغدادي، أحد الشعراء المشهورين وأهل الديانة المعتبرين. وله ديوان شعر فيه أشعار حسنة، وكان فيه تحامل على على بن أبى طالب ﵁، وكان له خصوصية بالمتوكل ثم غضب عليه فنفاه إلى خراسان وأمر نائبة بها أن يضربه مجردا ففعل به ذلك، ومن مستجاد شعره:
بلاء ليس يعدله بلاء … عداوة غير ذي حسب ودين
يبيحك منه عرضا لم يصنه … ويرتع منك في عرض مصون
قال ذلك في مروان بن حفصة حين هجاء فقال في هجائه له:
لعمرك ما الجهم بن بدر بشاعر … وهذا على بعده يدعى الشعرا
ولكن أبى قد كان جارا لأمه … فلما ادعى الاشعار أو همني أمرا
كان على بن الجهم قد قدم الشام ثم عاد قاصدا العراق، فلما جاوز حلب ثار عليه أناس من بنى كلب فقاتلهم فجرح جرحا بليغا فكان فيه حتفه، فوجد في ثيابه رقعة مكتوب فيها:
يا رحمتا للغريب بالبلد … النازح ماذا بنفسه صنعا
فارق أحبابه فما انتفعوا … بالعيش من بعده وما انتفعا