للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لِكُلِّ نَبِيٍّ شَفَاعَةً وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . ثُمَّ قَالَ: أفلا تراني مِنْهُمْ. وَقَالَ أَبُو نُوَاسٍ: مَا قُلْتُ الشِّعْرَ حتى رويت عن ستين امرأة منهن خنساء وليلى، فما الظن بِالرِّجَالِ؟ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ: إِذَا رَوَيْتَ الشِّعْرَ عَنِ امْرِئِ الْقَيْسِ وَالْأَعْشَى مِنْ أَهْلِ الجاهلية، ومن الإسلاميين جرير وَالْفَرَزْدَقِ، وَمِنَ الْمُحْدَثِينَ عَنْ أَبِي نُوَاسٍ فَحَسْبُكَ. وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْأَصْمَعِيُّ والجاحظ والنظام.

قال أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: لَوْلَا أَنَّ أَبَا نُوَاسٍ أفسد شعره بما وضع فيه من الأقذار لاحتججنا به- يعنى شعره الّذي قاله في الخمريات والمردان، وقد كان يميل إليهم- ونحو ذلك مما هو معروف في شعره.

واجتمع طائفة من الشعراء عند المأمون فقيل لَهُمْ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ:

فَلَمَّا تَحَسَّاهَا وَقَفْنَا كَأَنَّنَا ... نرى قمرا في الأرض يبلغ كَوْكَبًا

قَالُوا: أَبُو نُوَاسٍ. قَالَ: فَأَيُّكُمُ الْقَائِلُ: -

إذا نزلت دون اللهاة من الفتى ... دعي همه عن قلبه بِرَحِيلِ

قَالُوا أَبُو نُوَاسٍ. قَالَ: فَأَيُّكُمُ الْقَائِلُ: -

فَتَمَشَّتْ فِي مَفَاصِلِهِمْ ... كَتَمَشِّي الْبُرْءِ فِي السَّقَمِ

قَالُوا: أَبُو نُوَاسٍ. قَالَ: فَهُوَ أَشْعَرُكُمْ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ لِابْنِ مُنَاذِرٍ: مَا أَشْعَرَ ظَرِيفُكُمْ أَبَا نُوَاسٍ

فِي قَوْلِهِ: يَا قَمَرًا أَبْصَرْتُ فِي مَأْتَمٍ ... يَنْدُبُ شَجْوًا بَيْنَ أَتْرَابِ

أَبْرَزَهُ الْمَأْتَمُ لِي كَارِهًا ... بِرَغْمِ ذِي بَابٍ وحجاب

يبكى فيذرى الدر من عينه ... وَيَلْطِمُ الْوَرْدَ بِعُنَّابِ

لَا زَالَ مَوْتًا دَأْبُ أحبابه ... ولم تزل رؤيته دأبي

قال ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ أَشْعَرُ النَّاسِ أَبُو نُوَاسٍ فِي قوله: -

تسترت من دهري بكل جَنَاحِهِ ... فَعَيْنِي تَرَى دَهْرِي وَلَيْسَ يَرَانِي

فَلَوْ تسأل الأيام عنى ما دَرَتْ ... وَأَيْنَ مَكَانِي مَا عَرَفْنَ مَكَانِي

وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: قُلْتُ فِي الزُّهْدِ عِشْرِينَ أَلْفَ بيت، وددت أَنَّ لِي مَكَانَهَا الْأَبْيَاتَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي قَالَهَا أَبُو نُوَاسٍ وَهِيَ هَذِهِ، وَكَانَتْ مَكْتُوبَةً عَلَى قبره:

يا نواسى توقر ... أو تغير أو تصبر

إِنْ يَكُنْ سَاءَكَ دَهْرٌ ... فَلَمَا سَرَّكَ أَكْثَرْ

يا كثير الذنب ... عفو الله مِنْ ذَنْبِكَ أَكْبَرْ

وَمِنْ شَعْرِ أَبِي نُوَاسٍ يَمْدَحُ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ: -

<<  <  ج: ص:  >  >>