وهو قاضى القضاة جمال الدين المسلاتي بقتل نصراني من قرية الرأس من معاملة بعلبكّ، اسمه داود بن سالم، ثبت عليه بمجلس الحكم في بعلبكّ أنه اعترف بما شهد عليه أحمد بن نور الدين على بن غازى من قرية اللبوة من الكلام السيّئ الّذي نال به من رسول الله ﷺ، وسبه وقذفه بكلام لا يليق ذكره، فقتل لعنه الله يومئذ بعد أذان العصر بسوق الخيل وحرقة الناس وشفى الله صدور قوم مؤمنين ولله الحمد والمنة وفي صبيحة يوم الأحد رابع عشر شعبان درس القاضي بهاء الدين أبو البقاء السبكى بالمدرسة القيمرية نزل له عنها ابن عمه قاضى القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن قاضى القضاة تقى الدين السبكى وحضر عنده القضاة والأعيان، وأخذ في قوله تعالى ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ﴾ وصلى في هذا اليوم بعد الظهر على الشيخ الشاب الفاضل المحصل جمال الدين عبد الله بن العلامة شمس الدين بن قيم الجوزية الحنبلي، ودفن عند أبيه بمقابر باب الصغير، وكانت جنازته حافلة، وكانت لديه علوم جيدة، وذهنه حاضر خارق، أفتى ودرس وأعاد وناظر وحج مرات عديدة ﵀ وبل بالرحمة ثراه.
وفي يوم الاثنين تاسع عشر شوال وقع حريق هائل في سوق القطانين بالنهار، وذهب إليه نائب السلطنة والحجبة والقضاة حتى اجتهد الفعول والمتبرعون في إخماده وطفيه، حتى سكن شره وذهب بسببه دكاكين ودور كثيرة جدا، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. وقد رأيته من الغد والنار كما هي عمالة والدخان صاعد والناس يطفونه بالماء الكثير الغمر والنار لا تخمد، لكن هدمت الجدران وخربت المساكن وانتقل السكان انتهى والله أعلم.
[ثم دخلت سنة سبع وخمسين وسبعمائة]
استهلت هذه السنة وسلطان البلاد بالديار المصرية والشامية والحرمين وغير ذلك الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي، ولا نائب ولا وزير بمصر، وإنما يرجع تدبير المملكة إلى الأمير سيف الدين شيخون، ثم الأمير سيف الدين صرغتمش، ثم الأمير عز الدين مغلطاى الدوادار، وقضاة مصرهم المذكورون في التي قبلها سوى الشافعيّ فإنه ابن المتوفى قاضى القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن تقى الدين السبكى، ونائب حلب الأمير سيف الدين طاز، وطرابلس الأمير سيف الدين منجك، وبصغد الأمير شهاب الدين بن صبح، وبحماة أيدمر العمرى، وبحمص علاء الدين بن المعظم، وببعلبكّ الأمير ناصر الدين الأقوس.
وفي العشر الأول من ربيع الأول تكامل إصلاح بلاط الجامع الأموي وغسل فصوص المقصورة والقبة، وبسط بسطا حسنا، وبيضت أطباق القناديل، وأضاء حاله جدا، وكان