على بن أبى طالب، قال وقد كان قبل ذلك فقيرا لا شيء له، وكان للشيخ عبد الله زوجة ولها ابنة جميلة، وكان الشيخ يقول لها: زوجيها من الشيخ محمد، فتقول إنه فقير وأنا أحب أن تكون ابنتي سعيدة، فيقول الشيخ عبد الله كأنى انظر إليهما إياه وإياها في دار فيها بركة وله رزق كثير والملوك يترددون إلى زيارته، فزوجتها منه فكان الأمر كذلك، وكانت أولى زوجاته رحمه الله تعالى.
وكانت الملوك كلهم يحترمونه ويعظمونه ويجيئون إلى مدينته، بنو العادل وغيرهم، وكذلك كان مشايخ الفقهاء كابن الصلاح، وابن عبد السلام، وابن الحاجب، والحصرى، وشمس الدين بن سنى الدولة، وابن الجوزي، وغيرهم يعظمونه ويرجعون إلى قوله لعلمه وعمله وديانته وأمانته. وقد ذكرت له أحوال ومكاشفات وكرامات كثيرة ﵀، وزعم بعضهم أنه قطب منذ ثنتى عشرة سنة فالله أعلم. وذكر الشيخ الفقيه قال عزمت مرة على الرحلة إلى حران، وكان قد بلغني أن رجلا بها يعلم علم الفرائض جيدا، فلما كانت الليلة التي أريد أن أسافر في صبيحتها جاءتني رسالة الشيخ عبد الله اليونينى يعزم على إلى القدس الشريف، وكأنى كرهت ذلك وفتحت المصحف فطلع قوله ﴿اِتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ فخرجت معه إلى القدس فوجدت ذلك الرجل الحراني بالقدس الشريف، فأخذت عنه علم الفرائض حتى خيل لي أنى صرت أبرع فيه منه. وقال الشيخ أبو شامة كان الشيخ الفقيه رجلا ضخما، وحصل له قبول من الأمراء وغيرهم، وكان يلبس قبعا صوفه إلى خارج كما كان شيخه الشيخ عبد الله اليونينى، قال وقد صنف شيئا في المعراج فرددت عليه في كتاب سميته الواضح الجلي في الرد على الحنبلي، وذكر ولده قطب الدين أنه مات في التاسع عشر من رمضان من هذه السنة عن ثمان وثمانين سنة رحمه الله تعالى.
[محمد بن خليل بن عبد الوهاب بن بدر]
أبو عبد الله البيطار الأكال، أصله من جبل بنى هلال، وولد بقصر حجاج، وكان مقيما بالشاغور وكان فيه صلاح ودين وإيثار للفقراء والمحاويج والمحابيس، وكانت له حال غريبة لا يأكل لأحد شيئا إلا بأجرة، وكان أهل البلد يترامون عليه ليأكل لهم الأشياء المفتخرة الطيبة فيمتنع إلا بأجرة جيدة، وكلما امتنع من ذلك حلى عند الناس وأحبوه ومالوا إليه ويأتونه بأشياء كثيرة من الحلاوات والشواء وغير ذلك فيرد عليهم عوض ذلك أجرة جيدة مع ذلك، وهذا غريب جدا، رحمه الله تعالى ورضى عنه بمنه وكرمه آمين.
[ثم دخلت سنة تسع وخمسين وستمائة]
استهلت بيوم الاثنين لأيام خلون من كانون الأول، وليس للمسلمين خليفة وصاحب مكة أبو نمى بن أبى سعيد بن على بن قتادة الحسنى، وعمه إدريس بن على شريكه، وصاحب المدينة