ضَعِيفَةٍ كَدِرَةٍ لَاطَمَتْ بَحْرًا عَظِيمًا صَافِيًا، أَوْ رَمَلَةٍ أَرَادَتْ زَوَالَ جَبَلٍ، وَقَدْ أَضْحَكَ الْعُقَلَاءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَرَادَ السُّلْطَانُ قَتْلَهُ فَشَفَعَ فِيهِ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ، ثُمَّ أَنْكَرَ مَرَّةً شَيْئًا عَلَى الدَّوْلَةِ فَنُفِيَ مِنَ الْقَاهِرَةِ إِلَى بَلْدَةٍ يُقَالُ لها ديروط، فَكَانَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ سَابِعِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَدُفِنَ بِالْقَرَافَةِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُورَةً غَيْرَ مَشْهُودَةٍ، وَكَانَ شَيْخُهُ يُنْكِرُ عَلَيْهِ إِنْكَارَهُ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَيَقُولُ لَهُ أَنْتَ لَا تحسن أن تتكلم.
الشمس مُحَمَّدٌ الْبَاجُرْبَقِيُّ
الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْفِرْقَةُ الضَّالَّةُ الْبَاجُرْبَقِيَّةُ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمْ إِنْكَارُ الصَّانِعِ جَلَّ جَلَالُهُ، وتقدست أسماؤه، وقد كان والده جمال الدين بن عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عُمَرَ الْمَوْصِلِيُّ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَدَرَّسَ فِي أَمَاكِنَ بِدِمَشْقَ، وَنَشَأَ وَلَدُهُ هَذَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَاشْتَغَلَ بَعْضَ شيء ثم أقبل على السلوك ولازم جماعة يعتقدونه ويزورونه ويرزقونه ممن هو على طريقه، وَآخَرُونَ لَا يَفْهَمُونَهُ، ثُمَّ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ بِإِرَاقَةِ دَمِهِ فَهَرَبَ إِلَى الشَّرْقِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَثْبَتَ عَدَاوَةً بَيْنِهِ وَبَيْنَ الشُّهُودِ فَحَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِحَقْنِ دَمِهِ فَأَقَامَ بِالْقَابُونِ مُدَّةَ سِنِينَ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَدُفِنَ بِالْقُرْبِ مِنْ مَغَارَةِ الدَّمِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ فِي قُبَّةٍ فِي أَعْلَى ذَيْلِ الْجَبَلِ تَحْتَ الْمَغَارَةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ سِتُّونَ سَنَةً.
شَيْخُنَا الْقَاضِي الْمُعَمَّرُ الْفَقِيهُ
مُحْيِي الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ الْفَاضِلِ جَمَالِ الدِّينِ إِسْحَاقَ بْنِ خَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الشَّيْبَانِيُّ الشَّافِعِيُّ اشْتَغَلَ على النواوى ولازم ابن الْمَقْدِسِيَّ، وَوَلِيَ الْحُكْمَ بِزُرَعَ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ قَامَ بِدِمَشْقَ يَشْتَغِلُ فِي الْجَامِعِ، وَدَرَّسَ فِي الصَّارِمِيَّةِ وَأَعَادَ فِي مَدَارِسَ عِدَّةٍ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَسَمِعَ كَثِيرًا وَخَرَّجَ لَهُ الذَّهَبِيُّ شَيْئًا وَسَمِعْنَا عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيَّ وَغَيْرَهُ.
الْفَقِيهُ الْكَبِيرُ الصَّدْرُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْخَطِيبُ بِالْجَامِعِ
بَدْرُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ الْآمِدِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَاشْتَغَلَ وَحَفِظَ الْمُحَرَّرَ في مذهب أَحْمَدَ وَبَرَعَ عَلَى ابْنِ حَمْدَانَ وَشَرَحَهُ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ سِنِينَ وَقَدْ كَانَ ابْنُ حَمْدَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ كَثِيرًا وَعَلَى ذِهْنِهِ وَذَكَائِهِ، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْكِتَابَةِ وَلَزِمَ خِدْمَةَ الْأَمِيرِ قَرَاسُنْقُرَ بِحَلَبَ، فَوَلَّاهُ نَظَرَ الْأَوْقَافِ وَخَطَابَةَ حَلَبَ بِجَامِعِهَا الْأَعْظَمِ، ثم لما صار إلى دمشق ولاه خطابة الأموي فَاسْتَمَرَّ خَطِيبًا فِيهَا اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أُعِيدَ إِلَيْهَا جَلَالُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، ثُمَّ وَلِيَ نظر المارستان والحسبة وَنَظَرَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَعُيِّنَ لِقَضَاءِ الْحَنَابِلَةِ فِي وَقْتٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْكَاتِبُ الْمُفِيدُ قُطْبُ الدِّينِ
أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلِ بْنِ فَضْلِ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ، أَخُو مُحْيِي الدِّينِ كَاتِبِ تنكز، والد الصَّاحِبِ عَلَمِ الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute