للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتل ولدى وبدد شملي وأخذ مالي وغربني عن بلدي وركب الفاحشة منى. ثم استقرت الخلافة باسم المهتدي بالله. وكانت بمحمد الله خلافة صالحة. قال يوما للأمراء: إني ليست لي أم لها من الغلات ما يقاوم عشرة آلاف ألف دينار، ولست أريد إلا القوت فقط لا أريد فضلا على ذلك إلا لإخوتي، فإنهم مستهم الحاجة.

وفي يوم الخميس لثلاث بقين من رمضان أمر صالح بن وصيف بضرب أحمد بن إسرائيل الّذي كان وزيرا، وأبى نوح عيسى بن إبراهيم الّذي كان نصرانيا فأظهر الإسلام، وكان كاتب قبيحة، فضرب كل واحد منهما خمسمائة سوط بعد استخلاص أموالهما ثم طيف بهما على بغلين منكسين فماتا وهما كذلك، ولم يكن ذلك عن رضى المهتدي ولكنه ضعيف لا يقدر على الإنكار على صالح بن وصيف في بادئ الأمر. وفي رمضان في هذه السنة وقعت فتنة ببغداد أيضا بين محمد بن أوس ومن تبعه من الشاكرية والجند وغيرهم، وبين العامة والرعاع، فاجتمع من العامة نحو من مائة ألف وكان بين الناس قتال بالنبال والرماح والسوط، فقتل خلق كثير ثم انهزم محمد بن أوس وأصحابه فنهبت العامة ما وجدوا من أمواله، وهو ما يعادل ألفى ألف أو نحو ذلك. ثم اتفق الحال على إخراج محمد بن أوس من بغداد إلى أين أراد. فخرج منها خائفا طريدا، وذلك لأنه لم يكن عند الناس مرضى السيرة بل كان جبارا عنيدا، وشيطانا مريدا، وفاسقا شديدا، وأمر الخليفة بان ينفى القيان والمغنون من سامرا، وأمر بقتل السباع والنمور التي في دار السلطان، وقتل الكلاب المعدة للصيد أيضا. وأمر بإبطال الملاهي ورد المظالم وأن يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وجلس للعامة.

وكانت ولايته في الدنيا كلها من أرض الشام وغيرها مفترقة. ثم استدعى الخليفة موسى بن بغا الكبير إلى حضرته ليتقوى به على من عنده من الأتراك ولتجتمع كلمة الخلافة، فاعتذر إليه من استدعائه بما هو فيه من الجهاد في تلك البلاد.

[ذكر خارجي آخر ادعى أنه من أهل البيت بالبصرة]

في النصف من شوال ظهر رجل بظاهر البصرة زعم أنه على بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، ولم يكن صادقا وإنما كان عسيفا - يعنى أجيرا - من عبد القيس، واسمه على بن محمد بن عبد الرحيم، وأمه قرة بنت على بن رحيب من محمد بن حكيم من بنى أسد بن خزيمة، وأصله من قرية من قرى الري. قاله ابن جرير. قال: وقد خرج أيضا في سنة تسع وأربعين ومائتين بالنجدين فادعى أنه على بن محمد بن الفضل بن الحسين بن عبد الله بن عباس بن على بن أبى طالب، فدعا الناس بهجر إلى طاعته فاتبعه جماعة من أهل هجر، ووقع بسببه قتال كثير وفتن كبار، وحروب كثيرة، ولما خرج خرجته هذه الثانية بظاهر البصرة التف عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>