ثم في أواخر العقدة صارت للظاهر بيبرس، وقد شركه في دمشق الملك المجاهد سنجر، وكذلك كان القضاء في أولها بالشام لابن سنى الدولة صدر الدين، ثم صار للكمال عمر التفليسي من جهة هولاكو ثم لابن الزكي ثم لنجم الدين ابن سنى الدولة. وكذلك كان خطيب جامع دمشق عماد الدين بن الحرستانيّ من سنين متطاولة، فعزل في شوال منها بالعماد الاسعردى، وكان صينا قارئا مجيدا، ثم أعيد العماد الحرستانيّ في أول ذي القعدة منها. فسبحان من بيده الأمور يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
[وفيها توفى من الأعيان.]
[قاضى القضاة صدر الدين أبو العباس ابن سنى الدولة]
أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسين بن يحيى بن محمد بن على يحيى بن صدقة بن الخياط، قاضى القضاة صدر الدين أبو العباس ابن سنى الدولة التغلبي الدمشقيّ الشافعيّ، وسنى الدولة الحسين بن يحيى المذكور كان قاضيا لبعض ملوك دمشق في حدود الخمسمائة، وله أوقاف على ذريته. وابن الخياط الشاعر صاحب الديوان وهو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن على بن يحيى بن صدقة التغلبي هو عم سنى الدولة. ولد سنى الدولة سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وسمع الخشوعي وابن طبرزد، والكندي وغيرهم، وحدث ودرس في عدة مدارس وأفتى، وكان عارفا بالمذاهب مشكور السيرة، ولكن أبو شامة ينال منه ويذمه فالله أعلم.
وقد ولى الحكم بدمشق استقلالا سنة ثلاث وأربعين واستمر إلى مدة السنة وسافر حين عزل بالكمال التفليسي هو والقاضي محيي الدين ابن الزكي، وقد سافر هو وابن الزكي إلى هولاكو لما أخذ حلب فولى ابن الزكي القضاء، واختار ابن سنى الدولة بعلبكّ فقدمها وهو متمرض فمات بها ودفن عند الشيخ عبد الله اليونينى، وقد كان الملك الناصر يثنى عليه كما كان الملك الأشرف يثنى على والده شمس الدين. ولما استقر الملك الظاهر بيبرس ولى القضاء ولده نجم الدين ابن سنى الدولة وهو الّذي حدث في زمن المشمش بطالة الدروس لأنه كان له بستان بأرض السهم، فكان يشق عليه مفارقة المشمش، والنزول إلى المدارس، فبطل الناس هذه الأيام واتبعوه في ذلك، والنفوس إنما تؤثر الراحة والبطالة، ولا سيما أصحاب البساتين في أيام الفواكه وكثرة الشهوات في تلك الأيام ولا سيما القضاة.
وفيها توفى
[الملك السعيد صاحب ماردين]
نجم الدين بن ايل غازى بن المنصور أرتق بن أرسلان بن ايل غازى بن السنى بن تمرتاش ابن ايل غازى بن اريثى وكان شجاعا ملك يوما، وقد وقع في قلعته توران شاه بن الملك صلاح الدين كان نائبا للملك الظاهر بن العزيز بن الظاهر بن الناصر صاحب دمشق على حلب، وقد حصن