الّذي كان أمير خراسان في حبس المعتمد، وهذا الرجل هو الّذي أخرج البخاري محمد بن إسماعيل من بخارى وطرده عنها، فدعا عليه البخاري فلم يفلح بعدها، ولم يبق في الامرة إلا أقل من شهر حتى احتيط عليه وعلى أمواله وأركب حمارا ونودي عليه في بلده ثم سجن من ذلك الحين فمكث في السجن حتى مات في هذه السنة، وهذا جزاء من تعرض لأهل الحديث والسنة.
وممن توفى فيها أيضا إسحاق من يسار. وحنبل بن إسحاق عم الامام أحمد بن حنبل، وهو أحد الرواة المشهورين عنه، على أنه قد اتهم في بعض ما يرويه ويحكيه. وأبو أمية الطرسوسي. وأبو الفتح بن شخرف أحد مشايخ الصوفية، وذوى الأحوال والكرامات والكلمات النافعات. وقد وهم ابن الأثير في قوله في كامله: إن أبا داود صاحب السنن توفى في هذه السنة، وإنما توفى سنة خمس وسبعين كما سيأتي.
[وفيها توفى. ابن ماجة القزويني]
صاحب السنن وهو أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة صاحب كتاب السنن المشهورة، وهي دالة على عمله وعلمه وتبحره واطلاعه واتباعه للسنة في الأصول والفروع، ويشتمل على اثنتين وثلاثين كتابا، وألف وخمسمائة باب، وعلى أربعة آلاف حديث كلها جياد سوى اليسيرة. وقد حكى عن أبى زرعة الرازيّ أنه انتقد منها بضعة عشر حديثا. ربما يقال إنها موضوعة أو منكرة جدا، ولابن ماجة تفسير حافل وتاريخ كامل من لدن الصحابة إلى عصره، وقال أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني: أبو عبد الله بن محمد بن يزيد بن ماجة، ويعرف يزيد بماجه مولى ربيعة، كان عالما بهذا الشأن صاحب تصانيف، منها التاريخ والسنن، ارتحل إلى العراقين ومصر والشام، ثم ذكر طرفا من مشايخه، وقد ترجمناهم في كتابنا التكميل ولله الحمد والمنة. قال: وقد روى عنه الكبار القدماء: ابن سيبويه ومحمد بن عيسى الصفار، وإسحاق بن محمد وعلى بن إبراهيم بن سلمة القطان، وجدي أحمد بن إبراهيم، وسليمان بن يزيد. وقال غيره: كانت وفاة ابن ماجة يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين عن أربع وستين سنة، وصلى عليه أخوه أبو بكر وتولى دفنه مع أخيه الآخر أبى عبد الله وابنه عبد الله بن محمد بن يزيد ﵀.
[ثم دخلت سنة أربع وسبعين ومائتين]
فيها نشبت الحرب بين أبى أحمد الموفق وبين عمرو بن الليث بفارس فقصده أبو أحمد فهرب منه عمرو من بلد إلى بلد، وتتبعه ولم يقع بينهما قتال ولا مواجهة، وقد تحيز إلى الموفق مقدم جيش عمرو بن الليث، وهو أبو طلحة شركب الجمال، ثم أراد العود فقبض عليه الموفق وأباح ماله لولده أبى العباس المعتضد، وذلك بالقرب من شيراز. وفيها غزايا زمان الخادم نائب طرسوس بلاد الروم