ترك شهوة أذهبها الله مِنْ قَلْبِهِ، وَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعَذِّبَ قَلْبًا بِشَهْوَةٍ تُرِكَتْ لَهُ. وَقَالَ: إِذَا سَكَنَتِ الدنيا القلب ترحلت منه الآخرة، وإذا كانت الآخرة في القلب جاءت الدنيا تزاحمها، وإذا كانت الدنيا في القلب لم تزاحمها الآخرة، لأن الدنيا لئيمة والآخرة كريمة، وما ينبغي لكريم أن يزاحم لئيما وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ أَبِي سُلَيْمَانَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَئِنْ طَالَبْتَنِي بِذُنُوبِي لَأُطَالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ، وَلَئِنْ طَالَبْتَنِي ببخلى لأطالبنك بكرمك، وَلَئِنْ أَمَرْتَ بِي إِلَى النَّارِ لَأُخْبِرَنَّ أَهْلَ النار أنى أحبك. وكان يَقُولُ: لَوْ شَكَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي الْحَقِّ مَا شَكَكْتُ فِيهِ وَحْدِي. وَكَانَ يَقُولُ: مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِبْلِيسَ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَتَعَوَّذَ مِنْهُ ما تعوذت منه أبدا، ولو تبدي لي ما لطمت إلا صفحة وجهه. وقال: إِنَّ اللِّصَّ لَا يَجِيءُ إِلَى خَرِبَةٍ يَنْقُبُ حِيطَانَهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الدُّخُولِ إِلَيْهَا مِنْ أي مكان شاء، وإنما يجيء إلى البيت المعمور، كَذَلِكَ إِبْلِيسُ لَا يَجِيءُ إِلَّا إِلَى كُلِّ قلب عامر ليستنزله وينزله عن كرسيه ويسلبه أعز شيء. وقال: إذا أخلص العبد انقطعت عنه الوساوس والرؤيا. وقال: الرؤيا- يعنى الجنابة- وَقَالَ: مَكَثْتُ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ أَحْتَلِمْ فَدَخَلْتُ مكة ففاتتني صلاة العشاء جَمَاعَةٍ فَاحْتَلَمْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. وَقَالَ: إِنَّ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ قَوْمًا لَا يَشْغَلُهُمُ الْجِنَانُ وَمَا فيها من النعيم عنه فكيف يشتغلون بالدنيا عنه؟ وَقَالَ: الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ أَقَلُّ مِنْ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ فَمَا الزُّهْدُ فِيهَا، وَإِنَّمَا الزُّهْدُ فِي الْجِنَانِ وَالْحُورِ الْعِينِ، حَتَّى لَا يَرَى اللَّهُ فِي قَلْبِكَ غَيْرَهُ. وَقَالَ الْجُنَيْدُ: شَيْءٌ يُرْوَى عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَا اسْتَحْسَنْتُهُ كَثِيرًا قَوْلُهُ: مَنِ اشْتَغَلَ بِنَفْسِهِ شُغِلَ عَنِ النَّاسِ، وَمَنِ اشْتَغَلَ بِرَبِّهِ شُغِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ النَّاسِ. وقال: خير السخاء ما وافق الحاجة. وقال: من طلب الدنيا حلالا واستغناء عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَاسْتِغْنَاءً عَنِ النَّاسِ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَوَجْهُهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُفَاخِرًا وَمُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. وَقَدْ رُوِيَ نحو هذا مرفوعا. وقال: إن قوما طلبوا الغنى في المال وجمعه فأخطئوا من حيث ظنوا، أَلَا وَإِنَّمَا الْغِنَى فِي الْقَنَاعَةِ، وَطَلَبُوا الرَّاحَةَ فِي الْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا الرَّاحَةُ فِي الْقِلَّةِ، وَطَلَبُوا الكرامة من الخلق وإنما هي في التقوى، وطلبوا التنعم في اللباس الرقيق اللين، والطعام الطيب، والمسكن الأنيق المنيف، وإنما هو في الإسلام والايمان والعمل الصالح والستر والعافية وذكر الله. وقال: لَوْلَا قِيَامُ اللَّيْلِ مَا أَحْبَبْتُ الْبَقَاءَ فِي الدنيا وما أحب الدنيا لغرس الأشجار ولا لكرى الأنهار. وإنما أحبها لصيام الهواجر وقيام الليل. وَقَالَ: أَهْلُ الطَّاعَةِ فِي لَيْلِهِمْ أَلَذُّ مِنْ أَهْلِ اللَّهْوِ فِي لَهْوِهِمْ. وَقَالَ: رُبَّمَا اسْتَقْبَلَنِي الْفَرَحُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَرُبَّمَا رَأَيْتُ الْقَلْبَ يضحك ضحكا. وقال: إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا فأقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب.