للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الحديث من دلائل النبوة إذ قد وقع الأمر طبق ما أخبر به ، وفيه الحكم بإسلام الطائفتين أهل الشام وأهل العراق، لا كما يزعمه فرقة الرافضة والجهلة الطغام، من تكفيرهم أهل الشام، وفيه أن أصحاب على أدنى الطائفتين إلى الحق، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة أن عليا هو المصيب وإن كان معاوية مجتهدا، وهو مأجور إن شاء الله، ولكن على هو الإمام فله أجران كما

ثبت في صحيح البخاري من حديث عمرو بن العاص أن رسول الله قال:

«إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» وسيأتي بيان كيفية قتال على للخوارج، وصفة المخدج الّذي أخبر عنه فوجد كما أخبر ففرح بذلك على وسجد للشكر.

[فصل]

قد تقدم أن عليا لما رجع من الشام بعد وقعة صفين، ذهب إلى الكوفة، فلما دخلها انعزل عنه طائفة من جيشه، قيل ستة عشر ألفا وقيل اثنى عشر ألفا، وقيل أقل من ذلك، فباينوه وخرجوا عليه وأنكروا أشياء، فبعث إليهم عبد الله بن عباس فناظرهم فيها ورد عليهم ما توهموه شبهة، ولم يكن له حقيقة في نفس الأمر، فرجع بعضهم واستمر بعضهم على ضلالهم حتى كان منهم ما سنورده قريبا، ويقال إن عليا ذهب إليهم فناظرهم فيما نقموا عليه حتى استرجعهم عما كانوا عليه، ودخلوا معه الكوفة، ثم إنهم عاهدوا فنكثوا ما عاهدوا عليه وتعاهدوا فيما بينهم على القيام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والقيام على الناس في ذلك ثم تحيزوا إلى موضع يقال له النهروان، وهناك قاتلهم على كما سيأتي. قال الامام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع حدثني يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الله بن عياض بن عمرو القارئ قال:

جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها مرجعه من العراق ليالي قبل على، فقالت له:

يا عبد الله بن شداد هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ فحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم على، فقال:

وما لي لا أصدقك؟ قالت: فحدثني عن قصتهم، قال: فان عليا لما كاتب معاوية وحكم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، وأنهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله، واسم سماك به الله ثم انطلقت فحكمت في دين الله ولا حكم إلا لله،

فلما أن بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه، أمر فأذن مؤذن أن لا يدخل على أمير المؤمنين رجل إلا رجلا قد حمل القرآن، فلما أن امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكه بيده ويقول: أيها المصحف! حدث الناس فناداه الناس فقالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>