للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله الصفار ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا نصر بن على ثنا ابن داود عن فضيل بن مرزوق. قال قال زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب: أما أنا فلو كنت مكان أبى بكر لحكمت بما حكم به أبو بكر في فدك.

[فصل]

وقد تكلمت الرافضة في هذا المقام بجهل، وتكلفوا ما لا علم لهم به، وكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، ولما يأتهم تأويله، وأدخلوا أنفسهم فيما لا يعنيهم، وحاول بعضهم أن يرد خبر أبى بكر فيما ذكرناه بأنه مخالف للقرآن حيث يقول الله تعالى ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ الآية. وحيث قال تعالى إخبارا عن زكريا أنه قال: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاِجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾. واستدلالهم بهذا باطل من وجوه، أحدها أن قوله: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ إنما يعنى بذلك في الملك والنبوة، أي جعلناه قائما بعده فيما كان يليه من الملك وتدبير الرعايا، والحكم بين بنى إسرائيل، وجعلناه نبيا كريما كأبيه وكما جمع لأبيه الملك والنبوة كذلك جعل ولده بعده، وليس المراد بهذا وراثة المال لأن داود كما ذكره كثير من المفسرين كان له أولاد كثيرون يقال مائة، فلم اقتصر على ذكر سليمان من بينهم لو كان المراد وراثة المال؟ إنما المراد وراثة القيام بعده في النبوة والملك، ولهذا قال: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ وقال: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ وما بعدها من الآيات. وقد أشبعنا الكلام على هذا في كتابنا التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد والمنة كثيرا.

وأما قصة زكريا فإنه من الأنبياء الكرام، والدنيا كانت عنده أحقر من أن يسأل الله ولدا ليرثه في ماله، كيف؟ وإنما كان نجارا يأكل من كسب يده كما رواه البخاري، ولم يكن ليدخر منها فوق قوته حتى يسأل الله ولدا يرث عنه ماله - أن لو كان له مال - وإنما سأل ولدا صالحا يرثه في النبوة والقيام بمصالح بنى إسرائيل، وحملهم على السداد. ولهذا قال تعالى: ﴿كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّا * إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا، * قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاِشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا، * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ اِمْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاِجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ القصة بتمامها. فقال وليا يرثني ويرث من آل يعقوب، يعنى النبوة كما قررنا ذلك في التفسير ولله الحمد والمنة. وقد تقدم

في رواية أبى سلمة عن أبى هريرة عن أبى بكر. أن رسول الله قال: «النبي لا يورث» وهذا اسم جنس يعم كل الأنبياء وقد حسنه الترمذي.

وفي الحديث الآخر «نحن معشر الأنبياء لا نورث».

<<  <  ج: ص:  >  >>