محمد بن القاضي شمس الدين على بن محمود بن على الشهرزوريّ، مدرس القيمرية وابن مدرسها، توفى في أواخر رجب، وتوفى أخوه شرف الدين بعده بشهر، ودرس بالقيمرية بعد الصلاح المذكور القاضي بدر الدين ابن جماعة.
[ابن خلكان قاضى القضاة]
شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن خلكان الإربلي الشافعيّ أحد الأئمة الفضلاء، والسادة العلماء، والصدور الرؤساء، وهو أول من جدد في أيامه قضاء القضاة من سائر المذاهب، فاشتغلوا بالاحكام بعد ما كانوا نوابا له، وقد كان المنصب بينه وبين ابن الصائغ دولا يعزل هذا تارة ويولى هذا، ويعزل هذا ويولى هذا، وقد درس ابن خلكان في عدة مدارس لم تجتمع لغيره، ولم يبق معه في آخر وقت سوى الامينية، وبيد ابنه كمال الدين موسى النجيبية. توفى ابن خلكان بالمدرسة النجيبية المذكورة بايوانها يوم السبت آخر النهار، في السادس والعشرين من رجب، ودفن من الغد بسفح قاسيون عن ثلاث وسبعين سنة. وقد كان ينظم نظما حسنا رائقا، وقد كانت محاضرته في غاية الحسن، وله التاريخ المفيد الّذي رسم بوفيات الأعيان من أبدع المصنفات، والله سبحانه أعلم.
[ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين وستمائة]
فيها قدم الملك المنصور إلى دمشق في يوم الجمعة سابع رجب في أبهة عظيمة، وكان يوما مشهودا وفيها ولى الخطابة بدمشق الشيخ عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي عوضا عن محيي الدين ابن الحرستانيّ الّذي توفى فيها كما سيأتي، وخطب يوم الجمعة الحادي والعشرين من رجب من هذه السنة وفي هذا اليوم قبل الصلاة احتيط على القاضي عز الدين بن الصائغ بالقلعة وأثبت ابن الحصرى نائب الحنفي محضرا يتضمن أن عنده وديعة بمقدار ثمانية آلاف دينار، من جهة ابن الإسكاف، وكان الّذي أثار ذلك شخص قدم من حلب يقال له تاج الدين بن السنجاري، وولى القضاء بعده بهاء الدين يوسف بن محيي الدين ابن الزكي، وحكم يوم الأحد ثالث وعشرين رجب ومنع الناس من زيارة ابن الصائغ، وسعى بمحضر آخر أن عنده وديعة بقيمة خمسة وعشرين ألف دينار للصالح إسماعيل بن أسد الدين، وقام في ذلك ابن الشاكري والجمال بن الحموي وآخرون، وتكلموا في قضية ثالثة، ثم عقد له مجلس تاله فيه شدة شديدة، وتعصبوا عليه ثم أعيد إلى اعتقاله، وقام في صفه نائب السلطنة حسام الدين لاجين، وجماعة من الأمراء، فكلموا فيه السلطان فأطلقه وخرج إلى منزله، وجاء الناس إلى تهنئته يوم الاثنين الثالث والعشرين من شعبان، وانتقل من