له عليّ خدمة، وكان قد استنابه في هذه القلعة قبل ابنه نجم الدين أيوب، وإني أكره أن أسوأ كما، ولكن انتقلا منها. فأخرجهما نهروز من قلعته. وفي ليلة خروجه منها ولد له الملك الناصر صلاح الدين يوسف. قال فتشاءمت به لفقدى بلدي ووطني، فقال له بعض الناس: قد نرى ما أنت فيه من التشاؤم بهذا المولود فما يؤمنك أن يكون هذا المولود ملكا عظيما له صيت؟ فكان كما قال، فاتصلا بخدمة الملك عماد الدين زنكي أبى نور الدين، ثم كانا عند نور الدين متقدمان عنده، وارتفعت منزلتهما وعظما، فاستناب نور الدين نجم الدين أيوب على بعلبكّ، وكان أسد الدين من أكبر أمرائه، ولما تسلم بعلبكّ أقام مدة طويلة، وولد له فيها أكثر أولاده، ثم كان من أمره ما ذكرناه في دخوله الديار المصرية. ثم إنه في ذي الحجة سقط عن فرسه فمات بعد ثمانية أيام في اليوم السابع والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة، وكان ابنه صلاح الدين محاصر الكرك غائبا عنه، فلما بلغه خبر موته تألم لغيبته عن حضوره، وأرسل يتحرق ويتحزن، وأنشد:
وتخطفه يد الردى في غيبتي … هبنى حضرت، فكنت ماذا أصنع؟
وقد كان نجم الدين أيوب كثير الصلاة والصدقة والصيام، كريم النفس جوادا ممدحا. قال ابن خلكان: وله خانقاه بالديار المصرية، ومسجد وقناة خارج باب النصر من القاهرة، وقفها في سنة ست وستين. قلت: وله بدمشق خانقاه أيضا، تعرف بالنجمية، وقد استنابه ابنه على الديار المصرية حين خرج إلى الكرك، وحكمه في الخزائن، وكان من أكرم الناس، وقد امتدحه الشعراء كالعماد وغيره ورثوه بمراث كثيرة، وقد ذكر ذلك مستقصى الشيخ أبو شامة في الروضتين، ودفن مع أخيه أسد الدين بدار الامارة، ثم نقلا إلى المدينة النبويّة في سنة ثمانين، فدفنا بتربة الوزير جمال الدين الموصلي، الّذي كان مواخيا لأسد الدين شيركوه، وهو الجمال المتقدم ذكره، الّذي ليس بين تربته ومسجد النبي ﷺ إلا مقدار سبعة عشر ذراعا، فدفنا عنده. قال أبو شامة: وفي هذه السنة توفى ملك الرافضة والنحاة.
[الحسن بن ضافى بن بزدن التركي]
كان من أكابر أمراء بغداد المتحكمين في الدولة، ولكنه كان رافضيا خبيثا متعصبا للروافض، وكانوا في خفارته وجاهه، حتى أراح الله المسلمين منه في هذه السنة في ذي الحجة منها، ودفن بداره ثم نقل إلى مقابر قريش فلله الحمد والمنة. وحين مات فرح أهل السنة بموته فرحا شديدا، وأظهروا الشكر لله، فلا تجد أحدا منهم إلا بحمد الله، فغضب الشيعة من ذلك، ونشأت بينهم فتنة بسبب ذلك.
وذكر ابن الساعي في تاريخه أنه كان في صغره شابا حسنا مليحا معشوقا للأكابر من الناس. قال ولشيخنا أبى اليمن الكندي فيه، وقد رمدت عينه: