حسن بن الداية، كان هو وإخوته من أكابر أمراء نور الدين محمود بن زنكي، وقد جعلت في حدود الأربعين وستمائة جامعا يخطب فيه يوم الجمعة. وفيها أرسل السلطان علاء الدين محمد بن تكش إلى الملك العادل وهو مخيم بمرج الصفر رسولا، فرد إليه مع الرسول خطيب دمشق جمال الدين محمد بن عبد الملك الدولعى، واستنيب عنه في الخطابة الشيخ الموفق عمر بن يوسف خطيب بيت الأبار، فأقام بالعزيزية يباشر عنه، حتى قدم وقد مات العادل.
وفيها توفى الملك القاهر صاحب الموصل. فأقيم ابنه الصغير مكانه. ثم قتل وتشتت شمل البيت الأتابكي، وتغلب على الأمور بدر الدين لؤلؤ غلام أبيه. وفيها كان عود الوزير صفى الدين عبد الله ابن على بن شكر من بلاد الشرق بعد موت العادل، فعمل فيه علم الدين مقامة بالغ في مدحه فيها، وقد ذكروا أنه كان متواضعا يحب الفقراء والفقهاء، ويسلم على الناس إذا اجتاز بهم وهو راكب في أبهة وزارته، ثم إنه نكب في هذه السنة، وذلك أن الكامل هو الّذي كان سبب طرده وإبعاده كتب إلى أخيه المعظم فيه، فاحتاط على أمواله وحواصله، وعزل ابنه عن النظر من الدواوين، وقد كان ينوب عن أبيه في مدة غيبته. وفي رجب منها أعاد المعظم ضمان القيان والخمور والمغنيات وغير ذلك من الفواحش والمنكرات التي كان أبوه قد أبطلها، بحيث إنه لم يكن أحد يتجاسر أن ينقل ملء كف خمر إلى دمشق إلا بالحيلة الخفية، فجزى الله العادل خيرا، ولا جزى المعظم خيرا على ما فعل، واعتذر المعظم في ذلك بأنه إنما صنع هذا المنكر لقلة الأموال على الجند، واحتياجهم إلى النفقات في قتال الفرنج. وهذا من جهله وقلة دينه وعدم معرفته بالأمور، فان هذا الصنيع يديل عليهم الأعداء وينصرهم عليهم، ويتمكن منهم الداء ويثبط الجند عن القتال، فيولون بسببه الأدبار، وهذا مما يدمر ويخرب الديار ويديل الدول، كما في الأثر «إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني». وهذا ظاهر لا يخفى على فطن.
[وممن توفى فيها من الأعيان.]
[القاضي شرف الدين]
أبو طالب عبد الله بن زين القضاة عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى اللخمي الضرير البغدادي، كان ينسب إلى علم الأوائل، ولكنه كان يتستر بمذهب الظاهرية، قال فيه ابن الساعي: الداوديّ المذهب، المعرى أدبا واعتقادا، ومن شعره: