ملك الصليحى صاحب اليمن مكة، وجلب الأقوات إليها، وأحسن إلى أهلها. وفي أوائلها طلبت الست أرسلان زوجة الخليفة النقلة من عنده إلى عمها، وذلك لما هجرها وبارت عنده، فبعثها مع الوزير الكندري إلى عمها، فلما وصلت إليه كان مريضا مدنفا، فأرسل إلى الخليفة يعتب عليه في تهاونه بها، فكتب الخليفة إليه ارتجالا:
ذهبت شرّتى وولى الغرام … وارتجاع الشباب ما لا يرام
أذهبت منى الليالي جديدا … والليالي يضعفن والأيام
فعلى ما عهدته من شبابي … وعلى الغانيات منى السلام
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[زهير بن على بن الحسن بن حزام]
أبو نصر الحزامي، ورد بغداد وتفقه على الشيخ أبى حامد الأسفراييني، وسمع بالبصرة سنن أبى داود على القاضي أبى عمر، وحدث بالكثير، وكان يرجع إليه في الفتاوى، وحل المشكلات، وكانت وفاته بسرخس فيها.
[سعيد بن مروان]
صاحب آمد، ويقال إنه سم، فانتقم صاحب ميافارقين ممن سمه، فقطعه قطعا.
[الملك أبو طالب]
محمد بن ميكائيل بن سلجوق طغرلبك، كان أول ملوك السلاجقة، وكان خيّرا مصليا، محافظا على الصلاة في أول وقتها، يديم صيام الاثنين والخميس، حليما عمن أساء إليه، كتوما للاسرار سعيدا في حركاته، ملك في أيام مسعود بن محمود عامة بلاد خراسان، واستناب أخاه داود وأخاه لأمه إبراهيم بن نيال، وأولاد إخوته، على كثير من البلاد، ثم استدعاه الخليفة إلى ملك بغداد كما تقدم ذلك كله مبسوطا. توفى في ثامن رمضان من هذه السنة، وله من العمر سبعون سنة، وكان له في الملك ثلاثون سنة، منها في ملك العراق ثمان سنين إلا ثمانية عشر يوما.
[ثم دخلت سنة ست وخمسين وأربعمائة]
فيها قبض السلطان ألب أرسلان على وزير عمه عميد الملك الكندري، وسجنه ببيته ثم أرسل إليه من قتله، واعتمد في الوزارة على نظام الملك، وكان وزير صدق، يكرم العلماء والفقراء، ولما عصى الملك شهاب الدولة قتلمش، وخرج عن الطاعة، وأراد أخذ ألب أرسلان، خاف منه ألب أرسلان فقال له الوزير: أيها الملك لا تخف، فانى قد استدمت لك جندا ما بارزوا عسكرا إلا كسروه، كائنا ما كان. قال له الملك: من هم؟ قال: جند يدعون لك وينصرونك بالتوجه في صلواتهم وخلواتهم، وهم العلماء والفقراء الصلحاء. فطابت نفس الملك بذلك، فحين التقى مع قتلمش لم ينظره أن كسره، وقتل خلقا من جنوده، وقتل قتلمش في المعركة، واجتمعت الكلمة على ألب أرسلان.