الثلاثاء التاسع والعشرين من ربيع الأول فغسل في الدير وحمل إلى مقبرته في خلق كثير لا يعلمهم إلا الله ﷿، ولم يبق أحد من الدولة والأمراء والعلماء والقضاة وغيرهم إلا حضر جنازته، وكان يوما مشهودا، وكان الحر شديدا فأظلت الناس سحابة من الحر، كان يسمع منها كدوي النحل، وكان الناس ينتهبون أكفانه وبيعت ثيابه بالغالي الغالي، ورثاه الشعراء بمراثي حسنة، ورئيت له منامات صالحة ﵀. وترك من الأولاد ثلاثة ذكور: عمر، وبه كان يكنى، والشرف عبد الله وهو الّذي ولى الخطابة بعد أبيه، وهو والد العز أحمد. وعبد الرحمن. ولما توفى الشرف عبد الله صارت الخطابة لأخيه شمس الدين عبد الرحمن بن أبى عمر، وكان من أولاد أبيه الذكور، فهؤلاء أولاد الذكور، وترك من الإناث بنات كما قال الله تعالى ﴿مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً﴾ قال وقبره في طريق مغارة الجوع في الزقاق المقابل لدير الحوراني ﵀ وإيانا.
[ابن طبرزد شيخ الحديث]
عمر بن محمد بن معمر بن يحيى المعروف بأبي حفص بن طبرزد البغدادي الدراقزّى، ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة، سمع الكثير وأسمع، وكان خليعا ظريفا ماجنا، وكان يؤدب الصبيان بدار القز قدم مع حنبل بن عبد الله المكبر إلى دمشق فسمع أهلها عليهما، وحصل لهما أموال وعادا إلى بغداد فمات حنبل سنة ثلاث وتأخر هو إلى هذه السنة [في تاسع شهر رجب] فمات وله سبع وتسعون سنة، وترك مالا جيدا ولم يكن له وارث إلا بيت المال، ودفن بباب حرب.
[السلطان الملك العادل أرسلان شاه]
نور الدين صاحب الموصل، وهو ابن أخى نور الدين الشهيد، وقد ذكرنا بعض سيرته في الحوادث، كان شافعيّ المذهب، ولم يكن بينهم شافعيّ سواه، وبنى للشافعية مدرسة كبيرة بالموصل وبها تربته، توفى في صفر ليلة الأحد من هذه السنة.
[ابن سكينة عبد الوهاب بن على]
ضياء الدين المعروف بابن سكينة الصوفي، كان يعد من الأبدال، سمع الحديث الكثير وأسمعه ببلاد شتى، ولد في سنة تسع عشرة وخمسمائة، وكان صاحبا لأبى الفرج ابن الجوزي ملازما لمجلسه وكان يوم جنازته يوما مشهودا لكثرة الخلق ولكثرة ما كان فيه من الخاصة والعامة ﵀.
[مظفر بن ساسير]
الواعظ الصوفي البغدادي، ولد سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، وسمع الحديث، وكان يعظ في الأعزية والمساجد والقرى، وكان ظريفا مطبوعا قام إليه إنسان فقال له فيما بينه وبينه: أنا مريض جائع، فقال: احمد ربك فقد عوفيت. واجتاز مرة على قصاب يبيع لحما ضعيفا وهو يقول أين من