للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما كانت الفتنة لم أسأل عنها. فقال رجل لو كنت مثلك ما باليت متى مت، فقال شريح: فكيف بما في قلبي. وقد رواه شقيق بن سلمة عن شريح قال: في الفتنة ما استخبرت ولا أخبرت ولا ظلمت مسلما ولا معاهدا دينارا ولا درهما، فقال أبو وائل: لو كنت على حالك لأحببت أن أكون قدمت، فأوى إلى قلبه فقال: كيف يهدأ، وفي رواية: كيف بما في صدري تلتقي الفتيتان وإحداهما أحب إلى من الأخرى. وقال لقوم رآهم يلعبون: ما لي أراكم تلعبون؟ قالوا: فرغنا! قال: ما بهذا أمر الفارغ. وقال سوار بن عبد الله العنبري: حدثنا العلاء بن جرير العنبري حدثني سالم أبو عبد الله أنه قال: شهدت شريحا وتقدم إليه رجل فقال: أين أنت؟ فقال: بينك وبين الحائط، فقال:

إني رجل من أهل الشام، فقال: بعيد سحيق، فقال: إني تزوجت امرأة، فقال: بالرفاء والبنين، قال: إني اشترطت لها دارها، قال: الشرط أملك، قال: اقض بيننا، قال: قد فعلت. وقال سفيان: قيل لشريح بأي شيء أصبت هذا العلم؟ قال: بمعاوضة العلماء، آخذ منهم وأعطيهم. وروى عثمان بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد بن سالم عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إسحاق عن هبيرة أنه سمع عليا يقول: يا أيها الناس! يأتونى فقهاؤكم يسألونى وأسألهم، فلما كان من الغد غدونا إليه حتى امتلأت الرحبة، فجعل يسألهم: ما كذا ما كذا، ويسألونه ما كذا ما كذا فيخبرهم ويخبرونه حتى إذا ارتفع النهار تصدعوا غير شريح فإنه جاث على ركبتيه لا يسأله عن شيء إلا أخبره به، قال: سمعت عليا يقول: قم يا شريح فأنت أقضى العرب. وأتت شريحا امرأتان جدة صبي وأمه يختصمان فيه كل واحدة تقول: أنا أحق به

أبا أميه أتيناك وأنت المستعان به ... أتاك جدة ابن وأم وكلتانا تفديه [١]

فلو كنت تأيمت لما نازعتكى فيه ... تزوجت فهاتيه ولا يذهب بك القيه

ألا أيها القاضي فهذه قصتي فيه

قالت الأم: -

ألا أيها القاضي قد قالت لك الجدة ... قولا فاستمع منى ولا تطردني رده

تعزى النفس عن ابني ... وكبدي حملت كبده

فلما صار في حجري ... يتيما مفردا وخده

تزوجت رجاء الخير ... من يكفيني فقده

ومن يظهر لي الود ... ومن يحسن لي رفده

فقال شريح: -


[١] هذه الأبيات طبق الأصل ولم نجد لها نظيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>