للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاهر بأن يجعل أبو أحمد المكتفي بين حائطين ويسد عليه بالآجر والكلس، وهو حي، فمات.

وأرسل منادى على المختفين: إن من أخفاهم قتل وخربت داره. فوقع بعلي بن بليق فذبح بين يديه كما تذبح الشاة، فأخذ رأسه في طست ودخل به القاهر على أبيه بليق بنفسه، فوضع رأس ابنه بين يديه، فلما رآه بكى وأخذ يقبله ويترشفه، فأمر بذبحه أيضا فذبح، ثم أخذ الرأسين في طستين فدخل بهما على مؤنس الخام، فلما رآهما تشهد ولعن قاتلهما، فقال القاهر: جروا برجل الكلب، فأخذ فذبح أيضا وأخذ رأسه فوضع في طست وطيف بالرءوس في بغداد، ونودي عليهم: هذا جزاء من يخون الامام ويسعى في الدولة فسادا. ثم أعيدت الرءوس إلى خزائن السلاح. وفي ذي القعدة منها قبض القاهر على الوزير أبى جعفر محمد بن القاسم وسجنه، وكان مريضا بالقولنج، فبقي ثمانية عشر يوما ومات وكانت وزارته ثلاثة أشهر واثنى عشر يوما. واستوزر مكانه أبا العباس أحمد بن عبد الله بن سليمان الخصيبى، ثم قبض على طريف اليشكري الّذي تعاون على مؤنس وابن بليق وسجنه، ولهذا قيل:

من أعان ظالما سلطه الله عليه. فلم يزل اليشكري في الحبس حتى خلع القاهر. وفيها جاء الخبر بموت العامل بديار مصر، وأن ابنه محمدا قد قام مقامه فيها، وسارت الخلع إليه من القاهر بتنفيذ الولاية واستقراره.

[ذكر ابتداء أمر بنى بويه وظهور دولتهم في هذه السنة]

وهم ثلاثة إخوة: عماد الدولة أبو الحسن على، وركن الدولة أبو على الحسن، ومعز الدولة أبو الحسين أحمد أولاد أبى شجاع بويه بن قباخسرو بن تمام بن كوهى بن شيرزيل الأصغر بن شيركيده ابن شيرزيل الأكبر بن شيران شاه بن شيرويه بن سيسان شاه بن سيس بن فيروز بن شيرزيل بن سيسان بن بهرام جور الملك بن يزد جرد الملك بن سابور الملك بن سابورذى الأكتاف الفارسي.

كذا نسبهم الأمير أبو نصر بن ماكولا في كتابه. وإنما قيل لهم الديالمة لأنهم جاوروا الديلم، وكانوا بين أظهرهم مدة، وقد كان أبوهم أبو شجاع بويه فقيرا مدقعا، يصطاد السمك ويحتطب بنوه الحطب على رءوسهم، وقد ماتت امرأته وخلفت له هؤلاء الأولاد الثلاثة، فحزن عليها وعليهم، فبينما هو يوما عند بعض أصحابه وهو شهريار بن رستم الديلميّ، إذ مر منجم فاستدعاه فقال له: إني رأيت مناما غريبا أحب أن تفسره لي: رأيت كأنى أبول فخرج من ذكرى نار عظيمة حتى كادت تبلغ عنان السماء ثم انفرقت ثلاث شعب ثم انتشرت كل شعبة حتى صارت شعبا كثيرة، فأضاءت الدنيا بتلك النار، ورأيت البلاد والعباد قد خضعت لهذه النار. فقال له المنجم: هذا منام عظيم لا أفسره لك إلا بمال جزيل. فقال: والله لا شيء عندي أعطيك، ولا أملك إلا فرسي هذه. فقال: هذا يدل على أنه يملك من صلبك ثلاثة ملوك، ثم يكون من سلالة كل واحد منهم ملوك عدة. فقال له: ويحك أتسخر بي؟ وأمر بنيه فصفعوه ثم أعطاه عشرة دراهم. فقال لهم المنجم: اذكروا هذا إذا قدمت عليكم

<<  <  ج: ص:  >  >>