للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلوان وهمذان بعد ذلك. ثم إن أهل همذان نقضوا عهدهم الّذي صالحهم عليه القعقاع بن عمرو، فكتب عمر إلى نعيم بن مقرن أن يسير إلى همذان، وأن يجعل على مقدمته أخاه سويد بن مقرن، وعلى مجنبتيه ربعي بن عامر الطائي، ومهلهل بن زيد التميمي. فسار حتى نزل على ثنية العسل، ثم تحدر على همذان، واستولى على بلادها، وحاصرها فسألوه الصلح فصالحهم ودخلها، فبينما هو فيها ومعه اثنى عشر ألفا من المسلمين إذ تكاتف الروم والديم وأهل الري وأهل أذربيجان، واجتمعوا على حرب نعيم بن مقرن في جمع كثير، فعلى الديلم ملكهم واسمه موتا، وعلى أهل الري أبو الفرّخان، وعلى أذربيجان اسفندياذ أخو رستم، فخرج إليهم بمن معه من المسلمين حتى التقوا بمكان يقال له واج الروذ، فاقتتلوا قتالا شديدا وكانت وقعة عظيمة تعدل نهاوند ولم تك دونها، فقتلوا من المشركين جمعا كثيرا، وجما غفيرا لا يحصون كثرة، وقتل ملك الديلم موتا وتمزق شملهم، وانهزموا بأجمعهم، بعد من قتل بالمعركة منهم، فكان نعيم بن مقرن أول من قاتل الديلم من المسلمين. وقد كان نعيم كتب إلى عمر يعلمه باجتماعهم فهمه ذلك واغتم له. فلم يفجأه إلى البريد بالبشارة فحمد الله وأثنى عليه، وأمر بالكتاب فقرئ على الناس، ففرحوا وحمدوا الله ﷿. ثم قدم عليه بالأخماس ثلاثة من الأمراء وهم سماك بن حرشة، ويعرف بأبي دجانة، وسماك بن عبيد، وسماك بن مخرمة. فلما استسماهم عمر قال: اللهمّ اسمك بهم الإسلام، وأمد بهم الإسلام، ثم كتب إلى نعيم بن مقرن بأن يستخلف على همذان ويسير إلى الري. فامتثل نعيم. وقد قال نعيم في هذه الوقعة:

ولما أتانى أن موتا ورهطه … بنى باسل جروا جنود الأعاجم

نهضت إليهم بالجنود مساميا … لا منع منهم ذمتي بالقواصم

فجئنا إليهم بالحديد كأننا … جبال تراءى من فروع القلاسم

فلما لقيناهم بها مستفيضة … وقد جعلوا يسمون فعل المساهم

صدمناهم في واج روذ بجمعنا … غداة رميناهم بإحدى العظائم

فما صبروا في حومة الموت ساعة … لحد الرماح والسيوف الصوارم

كأنهم عند انبثاث جموعهم … جدار تشظى لبنه للهادم

أصبنا بها موتا ومن لف جمعه … وفيها نهاب قسمه غير عاتم

تبعناهم حتى أووا في شعابهم … فنقتلهم قتل الكلاب الجواحم

كأنّهم في واج رود وجوّه … ضئين أصابتها فروج المحارم

فتح الرّيّ

استخلف نعيم بن مقرن على همذان يزيد بن قيس الهمدانيّ وسار بالجيوش حتى لحق بالري فلقى

<<  <  ج: ص:  >  >>