في السجون معتقلا على الأموال الديوانية، ورد عليهم ما كان استخرج منهم قبل ذلك من المظالم وأرسل إلى القاضي بعشرة آلاف دينار يوفى بها ديون من في سجونه من المدينين الذين لا يجدون وفاء، وفرق في العلماء بقية المائة ألف، وقد لامه بعض الناس في هذه التصرفات فقال: إنما فتحت الدكان بعد العصر، فذروني أعمل صالحا وأفعل الخير، فكم مقدار ما بقيت أعيش؟! ولم تزل هذه سيرته حتى توفى في العام الآتي كما سيأتي. ورخصت الأسعار في أيامه وقد كانت قبل ذلك في غاية الغلاء حتى أنه فيما حكى ابن الأثير أكلت الكلاب والسنانير ببلاد الجزيرة والموصل، فزال ذلك والحمد لله.
وكان هذا الخليفة الظاهر حسن الشكل مليح الوجه أبيض مشربا حلو الشمائل شديد القوى.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[أبو الحسن على الملقب بالملك الأفضل]
نور الدين ابن السلطان صلاح الدين بن يوسف بن أيوب، كان ولى عهد أبيه، وقد ملك دمشق بعده مدة سنتين ثم أخذها منه عمه العادل، ثم كاد أن يملك الديار المصرية بعد أخيه العزيز فأخذها منه عمه العادل أبو بكر، ثم اقتصر على ملك صرخد فأخذها منه أيضا عمه العادل، ثم آل به الحال أن ملك سميساط وبها توفى في هذه السنة، وكان فاضلا شاعرا جيد الكتابة، ونقل إلى مدينة حلب فدفن بها بظاهرها. وقد ذكر ابن خلكان أنه كتب إلى الخليفة الناصر لدين الله يشكو إليه عمه أبا بكر وأخاه عثمان وكان الناصر شيعيا مثله:
مولاي إن أبا بكر وصاحبه … عثمان قد غصبا بالسيف حق على
وهو الّذي كان قد ولاه والده … عليهما فاستقام الأمر حين ولى
فخالفاه وحلا عقد بيعته … والأمر بينهما والنص فيه جلى
فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقي … من الأواخر ما لاقى من الأول
[الأمير سيف الدين على]
ابن الأمير علم الدين بن سليمان بن جندر، كان من أكابر الأمراء بحلب، وله الصدقات الكثيرة ووقف بها مدرستين إحداهما على الشافعية والأخرى على الحنفية، وبنى الخانات والقناطر وغير ذلك من سبل الخيرات والغزوات ﵀.
[الشيخ على الكردي]
الموله المقيم بظاهر باب الجابية، قال أبو شامة: وقد اختلفوا فيه فبعض الدماشقة يزعم أنه كان صاحب كرامات، وأنكر ذلك آخرون، وقالوا ما رآه أحد يصلى ولا يصوم ولا لبس مداسا، بل كان يدوس النجاسات ويدخل المسجد على حاله، وقال آخرون كان له تابع من الجن يتحدث على لسانه حكى السبط عن امرأة قالت جاء خبر بموت أمى باللاذقية أنها ماتت وقال لي بعضهم إنها لم تمت،