للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي دُخُولِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِّيهَ وَمَا جَرَى لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ

قَدْ ذَكَرْنَا نُكُولَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْ قِتَالِ الْجَبَّارِينَ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَاقَبَهُمْ بِالتِّيهِ وَحَكَمَ بِأَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهُ إِلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ أَرَ فِي كِتَابِ أَهْلِ الْكِتَابِ قِصَّةَ نُكُولِهِمْ عَنْ قِتَالِ الْجَبَّارِينَ وَلَكِنَّ فِيهَا أَنَّ يُوشَعَ جَهَّزَهُ مُوسَى لِقِتَالِ طَائِفَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ وَأَنَّ مُوسَى وَهَارُونَ وَخُورَ جَلَسُوا عَلَى رَأْسِ أَكَمَةٍ وَرَفَعَ مُوسَى عَصَاهُ فَكُلَّمَا رَفَعَهَا انْتَصَرَ يُوشَعُ عَلَيْهِمْ وَكُلَّمَا مَالَتْ يَدُهُ بِهَا مِنْ تَعَبٍ أو نحوه غلبهم أُولَئِكَ وَجَعَلَ هَارُونُ وَخُورُ يُدَعِّمَانِ يَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَانْتَصَرَ حِزْبُ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ يثرون كلهن مَدْيَنَ وَخَتَنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَلَغَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ مُوسَى وَكَيْفَ أَظْفَرَهُ اللَّهُ بِعَدُوِّهِ فِرْعَوْنَ فَقَدِمَ عَلَى مُوسَى مُسْلِمًا وَمَعَهُ ابْنَتُهُ صِفُّورَا زَوْجَةُ مُوسَى وَابْنَاهَا مِنْهُ جَرْشُونُ وَعَازِرُ فَتَلَقَّاهُ مُوسَى وَأَكْرَمَهُ وَاجْتَمَعَ بِهِ شُيُوخُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعَظَّمُوهُ وَأَجَلُّوهُ. وَذَكَرُوا أَنَّهُ رَأَى كَثْرَةَ اجْتِمَاعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مُوسَى فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَهُمْ فَأَشَارَ عَلَى مُوسَى أَنْ يَجْعَلَ عَلَى النَّاسِ رِجَالًا أُمَنَاءَ أَتْقِيَاءَ أعفاء يبغضون الرشى وَالْخِيَانَةَ فَيَجْعَلُهُمْ عَلَى النَّاسِ رُءُوسَ أُلُوفٍ وَرُءُوسَ مئين ورءوس خمسين ورءوس عَشَرَةٍ فَيَقْضُوا بَيْنَ النَّاسِ فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ جَاءُوكَ فَفَصَلْتَ بَيْنَهُمْ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ فَفَعَلَ ذَلِكَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالُوا وَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَرِّيَّةَ عِنْدَ سَيْنَاءَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ مِنْ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ وَكَانَ خُرُوجُهُمْ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الَّتِي شُرِعَتْ لَهُمْ وَهِيَ أَوَّلُ فَصْلِ الرَّبِيعِ فَكَأَنَّهُمْ دَخَلُوا التِّيهَ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الصَّيْفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالُوا وَنَزَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حَوْلَ طُورِ سَيْنَاءَ وَصَعِدَ مُوسَى الْجَبَلَ فَكَلَّمَهُ رَبُّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُذَكِّرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ إِنْجَائِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ وَكَيْفَ حَمَلَهُمْ عَلَى مِثْلِ جَنَاحَيْ نِسْرٍ مِنْ يَدِهِ وَقَبْضَتِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يَتَطَهَّرُوا وَيَغْتَسِلُوا وَيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ وَلْيَسْتَعِدُّوا إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَإِذَا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلْيَجْتَمِعُوا حَوْلَ الْجَبَلِ وَلَا يَقْتَرِبَنَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَيْهِ فَمَنْ دَنَا مِنْهُ قُتِلَ حَتَّى وَلَا شَيْءٌ مِنَ الْبَهَائِمِ مَا دَامُوا يَسْمَعُونَ صَوْتَ الْقَرْنِ فَإِذَا سَكَنَ الْقَرْنُ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ أَنْ تَرْتَقُوهُ فَسَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ وَأَطَاعُوا وَاغْتَسَلُوا وَتَنَظَّفُوا وَتَطَيَّبُوا فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ رَكِبَ الْجَبَلَ غَمَامَةٌ عَظِيمَةٌ وَفِيهَا أَصْوَاتٌ وَبُرُوقٌ وَصَوْتُ الصُّورِ شَدِيدٌ جِدًّا فَفَزِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا وَخَرَجُوا فَقَامُوا فِي سَفْحِ الْجَبَلِ وَغَشِيَ الْجَبَلَ دُخَانٌ عَظِيمٌ فِي وَسَطِهِ عَمُودُ نُورٍ وَتَزَلْزَلَ الْجَبَلُ كُلُّهُ زَلْزَلَةً شَدِيدَةً وَاسْتَمَرَّ صَوْتُ الصُّورِ وَهُوَ الْبُوقُ وَاشْتَدَّ وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوْقَ الْجَبَلِ وَاللَّهِ يُكَلِّمُهُ وَيُنَاجِيهِ وَأَمَرَ الرب عز وجل موسى أن ينزل فأمر بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَقْتَرِبُوا مِنَ الْجَبَلِ لِيَسْمَعُوا وصية الله ويأمر الأحبار وهم علمائهم أَنْ يَدْنُوا فَيَصْعَدُوا الْجَبَلَ لِيَتَقَدَّمُوا بِالْقُرْبِ وَهَذَا نَصٌّ فِي كِتَابِهِمْ عَلَى وُقُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>