للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ» وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِصْمَةَ الْعَدْلِ حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِعَمَّارٍ وَأَهْلِهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فَقَالَ: «أَبْشِرُوا آلَ عَمَّارٍ وَآلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» فَأَمَّا أمه فيقتلوها فتأبى إِلَّا الْإِسْلَامَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ أول شهيد كان في أول الْإِسْلَامِ اسْتُشْهِدَ أُمُّ عَمَّارٍ سُمَيَّةُ طَعَنَهَا أَبُو جهل بحربة في قلبها.

وَهَذَا مُرْسَلٌ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَبُو جَهْلٍ الْفَاسِقُ الَّذِي يُغْرِي بِهِمْ فِي رجال من قريش، إن سمع برجل قَدْ أَسْلَمَ لَهُ شَرَفٌ وَمَنَعَةٌ أَنَّبَهُ وَخَزَّاهُ وَقَالَ: تَرَكْتَ دِينَ أَبِيكَ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، لنسفهن حلمك، ولنفلين رَأْيَكَ، وَلَنَضَعَنَّ شَرَفَكَ. وَإِنْ كَانَ تَاجِرًا قَالَ وَاللَّهِ لَنُكْسِدَنَّ تِجَارَتَكَ، وَلَنُهْلِكَنَّ مَالَكَ.

وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا ضَرَبَهُ وَأَغْرَى بِهِ لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَبَّحَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ عن عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَبْلُغُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِنَ الْعَذَابِ مَا يُعْذَرُونَ بِهِ فِي تَرْكِ دِينِهِمْ؟ قَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ! إِنْ كَانُوا لَيَضْرِبُونِ أَحَدَهُمْ وَيُجِيعُونَهُ وَيُعَطِّشُونَهُ حَتَّى مَا يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَوِيَ جَالِسًا مِنْ شِدَّةِ الضُّرِّ الَّذِي بِهِ حَتَّى يُعْطِيَهُمْ مَا سَأَلُوهُ مِنَ الْفِتْنَةِ، حَتَّى يقولوا له اللات والعزى إلهان مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ نَعَمْ! افْتِدَاءً مِنْهُمْ بما يَبْلُغُونَ مِنْ جُهْدِهِمْ.

قُلْتُ: وَفِي مِثْلِ هَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ من الله وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ١٦: ١٠٦ الآية فَهَؤُلَاءِ كَانُوا مَعْذُورِينَ بِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْإِهَانَةِ وَالْعَذَابِ الْبَلِيغِ، أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ. قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ فَإِنِّي إِذَا مُتُّ ثُمَّ بُعِثْتُ جِئْتَنِي وَلِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ فَأُعْطِيكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَداً ١٩: ٧٧ إلى قوله (وَيَأْتِينا فَرْداً) ١٩: ٨٠ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ عَنِ الأعمش به. وفي لفظ البخاري كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعاصِ بْنِ وَائِلٍ سَيْفًا فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا بنان وَإِسْمَاعِيلُ. قَالَا: سَمِعْنَا قَيْسًا يَقُولُ سَمِعْتُ خَبَّابًا يَقُولُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بِبُرْدَةٍ وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً، فَقَلْتُ أَلَا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه. فَقَالَ: «قَدْ كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مِفْرَقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ ما

<<  <  ج: ص:  >  >>