للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال لها السنة الخصبة - وقيل إنما كان ذلك في سنة أربعين. وفيها عزل المنصور عمه سليمان عن إمرة البصرة، فاختفى عبد الله بن على وأصحابه خوفا على أنفسهم، فبعث المنصور إلى نائبة على البصرة، وهو سفيان بن معاوية، يستحثه في إحضار عبد الله بن على إليه، فبعثه في أصحابه فقتل بعضهم وسجن عبد الله بن على عمه، وبعث بقية أصحابه إلى أبى داود نائب خراسان فقتلهم هناك وحج بالناس فيها العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس. وفيها توفى عمرو بن مجاهد، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، ويونس بن عبيد، أحد العباد وصاحب الحسن البصري.

[ثم دخلت سنة أربعين ومائة]

فيها نار جماعة من الجند على أبى داود نائب الخراسان، وحاصروا داره، فأشرف عليهم وجعل يستغيث بجنده ليحضروا إليه، واتكأ على آجرة في الحائط فانكسرت به فسقط فانكسر ظهره فمات، فخلفه على خراسان عاصم، صاحب الشرطة حتى قدم الأمير من جهة الخليفة عليها، وهو عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي، فتسلم بلاد خراسان، وقتل جماعة من الأمراء لأنه بلغه عنهم أنهم يدعون إلى خلافة آل على بن أبى طالب، وحبس آخرين، وأخذ نواب أبى داود بجباية الأموال المنكسرة عندهم.

وفيها حج بالناس الخليفة المنصور أحرم من الحيرة ورجع بعد انقضاء الحج إلى المدينة، ثم رحل إلى بيت المقدس فزاره، ثم سلك الشام إلى الرقة، ثم سار إلى الهاشمية - هاشمية الكوفة - ونواب الأقاليم هم المذكورون في التي قبلها، سوى خراسان فإنه مات نائبها أبو داود، فخلفه مكانه عبد الجبار الأزدي. وفيها توفى داود بن أبى هند، وأبو حازم سلمة بن دينار، وسهيل بن أبى صالح، وعمارة بن غزية بن قيس السكونيّ.

[ثم دخلت سنة إحدى وأربعين ومائة]

فيها خرجت طائفة يقال لها الراوندية على المنصور. ذكر ابن جرير عن المدائني أن أصلهم من خراسان، وهم على رأى أبى مسلم الخراساني، كانوا يقولون بالتناسخ، ويزعمون أن روح آدم انتقلت إلى عثمان بن نهيك، وأن ربهم الّذي يطعمهم ويسقيهم أبو جعفر المنصور. وأن الهيثم بن معاوية جبريل، قبحهم الله.

قال ابن جرير: فأتوا يوما قصر المنصور فجعلوا يطوفون به ويقولون: هذا قصر ربنا، فأرسل المنصور إلى رؤسائهم فحبس منهم مائتين، فغضبوا من ذلك وقالوا: علام تحبسهم؟ ثم عمدوا إلى نعش فحملوه على كواهلهم وليس عليه أحد، واجتمعوا حوله كأنهم يشيعون جنازة، واجتازوا بباب السجن، فألقوا النعش ودخلوا السجن قهرا واستخرجوا من فيه من أصحابهم، وقصدوا نحو المنصور

<<  <  ج: ص:  >  >>