عن عثمان بن أبى سليمان عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه جبير. قال: لقد رأيت رسول الله ﷺ وهو على دين قومه، وهو يقف على بعير له بعرفات من بين قومه حتى يدفع معهم، توفيقا من الله ﷿ له.
قال البيهقي: معنى قوله على دين قومه ما كان بقي من إرث إبراهيم وإسماعيل ﵉، ولم يشرك بالله قط صلوات الله وسلامه عليه دائما.
قلت: ويفهم من قوله هذا أيضا انه كان يقف بعرفات قبل أن يوحى اليه. وهذا توفيق من الله له.
ورواه الامام أحمد عن يعقوب عن محمد بن إسحاق به. ولفظه رأيت رسول الله ﷺ قبل ان ينزل عليه وإنه لواقف على بعير له مع الناس بعرفات حتى يدفع معهم توفيقا من الله. وقال الامام احمد: حدثنا سفيان عن عمرو عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أضللت بعيرا لي بعرفة فذهبت اطلبه فإذا النبي ﷺ واقف فقلت إن هذا من الحمس (١) ما شأنه هاهنا؟ وأخرجاه من حديث سفيان بن عيينة به.
[ذكر شهوده ﵊ حرب الفجار]
قال ابن إسحاق: هاجت حرب الفجار ورسول الله ﷺ ابن عشرين سنة، وانما سمى يوم الفجار، بما استحل فيه هذان الحيان - كنانة وقيس عيلان - من المحارم بينهم. وكان قائد قريش وكنانة حرب بن أمية بن عبد شمس. وكان الظفر في أول النهار لقيس على كنانة. حتى إذا كان وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس.
وقال ابن هشام: فلما بلغ رسول الله ﷺ أربع عشرة سنة - أو خمس عشرة سنة - فيما حدثني به أبو عبيدة النحويّ عن أبى عمرو بن العلاء هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان. وكان الّذي هاجها ان عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن أجاز لطيمة - أي تجارة - للنعمان بن المنذر. فقال البراض بن قيس - أحد بنى ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة - أتجيزها على كنانة؟ قال نعم وعلى الخلق. فخرج فيها عروة الرحال وخرج البراض يطلب غفلته. حتى إذا كان بتيمن ذي طلال بالعالية غفل عروة فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام، فلذلك سمى الفجار، وقال البراض في ذلك:
وداهية تهم الناس قبلي … شددت لها بنى بكر ضلوعي
هدمت بها بيوت بنى كلاب … وأرضعت الموالي بالضروع
(١) الحمس جمع أحمس. وهم قريش ومن ولدت، وكنانة، وجديلة سموا حمسا، لانهم تحمسوا في دينهم أي تشددوا. والحماسة الشجاعة كانوا يقفون في المزدلفة، ويقولون: نحن أهل الله فلا نخرج من الحرم