قتل أحمد بن نصر كما تقدم. ثم غضب المتوكل على جماعة من الدواوين والعمال، وأخذ منهم أموال جزيلة جدا. وفيها ولى المتوكل ابنه محمد المنتصر الحجاز واليمن وعقد له على ذلك كله في رمضان منها.
وفيها عمد ملك الروم ميخائيل بن توفيل إلى أمه تدورة فأقامها بالشمس وألزمها الدير وقتل الرجل الّذي اتهمها به، وكان ملكها ست سنين. وفيها حج بالناس محمد بن داود أمير مكة.
وفيها توفى إبراهيم بن الحجاج الشامي. وحيان بن موسى العربيّ. وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيّ.
وسهل بن عثمان العسكري. ومحمد بن سماعة القاضي. ومحمد بن عائذ الدمشقيّ صاحب المغازي. ويحيى المقابري. ويحيى بن معين أحد أئمة الجرح والتعديل، وأستاذ أهل هذه الصناعة في زمانه.
[ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائتين]
فيها خرج محمد بن البعيث بن حلبس عن الطاعة في بلاده أذربيجان، وأظهر أن المتوكل قد مات والتف عليه جماعة من أهل تلك الرساتيق، ولجأ إلى مدينة فمرند فحصنها، وجاءته البعوث من كل جانب، وأرسل إليه المتوكل جيوشا يتبع بعضها بعضا، فنصبوا على بلده المجانيق من كل جانب، وحاصروه محاصرة عظيمة جدا، وقاتلهم مقاتلة هائلة، وصبر هو وأصحابه صبرا بليغا، وقدم بغا الشرابي لمحاصرته، فلم يزل به حتى أسره واستباح أمواله وحريمه وقتل خلقا من رءوس أصحابه، وأسر سائرهم وانحسمت مادة ابن البعيث. وفي جمادى الأولى منها خرج المتوكل إلى المدائن.
وفيها حج ايتاخ أحد الأمراء الكبار وهو والى مكة، ودعي له على المنابر، وقد كان ايتاخ هذا غلاما خزريا طباخا، وكان لرجل يقال له سلام الأبرش، فاشتراه منه المعتصم في سنة تسع وتسعين ومائة، فرفع منزلته وحظي عنده، وكذلك الواثق من بعده، ضم إليه أعمالا كثيرة، وكذلك عامله المتوكل وذلك لفروسيته، ورجلته وشهامته، ولما كان في هذه السنة شرب ليلة مع المتوكل فعربد عليه المتوكل فهم ايتاخ بقتله، فلما كان الصباح اعتذر المتوكل إليه وقال له: أنت أبى وأنت ربيتني، ثم دس إليه من يشير إليه بأن يستأذن للحج فاستأذن فأذن له، وأمره على كل بلدة يحل بها، وخرج القواد في خدمته إلى طريق الحج حين خرج، ووكل المتوكل الحجابة لوصيف الخادم عوضا عن إيتاخ. وحج بالناس فيها محمد بن داود أمير مكة وهو أمير الحجيج من سنين متقدمة.
وفيها توفى أبو خيثمة زهير بن حرب. وسليمان بن داود الشاذكوني أحد الحفاظ. وعبد الله ابن محمد النفيلى. وأبو ربيع الزهراني. وعلى بن عبد الله بن جعفر المديني شيخ البخاري في صناعة الحديث. ومحمد بن عبد الله بن نمير. ومحمد بن أبى بكر المقدمي. والمعافى الرسعيني. ويحيى بن يحيى الليثي راوي الموطأ عن مالك.