للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتصدق بها عنا واستغفر لنا.

فقال «ما أمرت أن آخذ أموالكم» فانزل الله ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ الى قوله ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾ وهم الذين لم يربطوا أنفسهم بالسوارى فارجئوا حتى نزل قوله تعالى ﴿لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ﴾ الى آخرها. وكذا رواه عطية بن سعيد العوفيّ عن ابن عباس بنحوه.

وقد ذكر سعيد بن المسيب ومجاهد ومحمد بن إسحاق قصة أبى لبابة وما كان من أمره يوم بنى قريظة وربط نفسه حتى تيب عليه، ثم إنه تخلف عن غزوة تبوك فربط نفسه أيضا حتى تاب الله عليه، وأراد أن ينخلع من ماله كله صدقة فقال له رسول الله «يكفيك من ذلك الثلث» قال مجاهد وابن إسحاق: وفيه نزل ﴿وَآخَرُونَ اِعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ الآية. قال سعيد بن المسيب: ثم لم ير منه بعد ذلك في الإسلام الا خيرا وأرضاه.

قلت: ولعل هؤلاء الثلاثة لم يذكروا معه بقية أصحابه واقتصروا على أنه كان كالزعيم لهم كما دل عليه سياق ابن عباس والله أعلم.

وروى الحافظ البيهقي من طريق أبى احمد الزبيري عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن عياض بن عياض عن أبيه عن ابن مسعود قال: خطبنا رسول الله فقال «إن منكم منافقين فمن سميت فليقم قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان» حتى عد ستة وثلاثين، ثم قال «إن فيكم - أو إن منكم - منافقين فسلوا الله العافية» قال فمر عمر برجل متقنع وقد كان بينه وبينه معرفة فقال: ما شأنك؟ فأخبره بما قال رسول الله ، فقال بعدا لك سائر اليوم.

قلت: كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة أقسام، مأمورون مأجورون كعليّ بن أبى طالب ومحمد بن مسلمة، وابن أم مكتوم، ومعذورون وهم الضعفاء والمرضى، والمقلون وهم البكاءون، وعصاة مذنبون وهم الثلاثة، أبو لبابة وأصحابه المذكورون، وآخرون ملومون مذمومون وهم المنافقون.

[ذكر ما كان من الحوادث بعد رجوعه إلى المدينة ومنصرفه من تبوك]

قال الحافظ البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو البختري عبد الله بن شاكر حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا عم أبى زخر (١) بن حصن عن جده حميد بن منهب قال سمعت جدي خريم بن أوس بن حارثة بن لام يقول: هاجرت الى رسول الله منصرفه من تبوك، فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك! فقال رسول الله «قل لا يفضض الله فاك» فقال:

من قبلها طبت في الظلال وفي … مستودع حيث يخصف الورق


(١) في الأصل زجر (بالجيم) والتصحيح من الاصابة وضبطه بفتح الزاى وسكون المعجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>