للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمس وثمانين وأربعمائة ببغداد، وأنا ابن عشر تقريبا، ونقل أبو القاسم الصفراوي أنه قال: مولدي بالتخمين لا باليقين سنة ثمان وسبعين، فيكون مبلغ عمره ثمانيا وتسعين سنة، لأنه توفى ليلة الجمعة خامس ربيع الأخر سنة ست وسبعين وخمسمائة بثغر الاسكندرية والله أعلم، ودفن بوعلة، وفيها جماعة من الصالحين. وقد رجح ابن خلكان قول الصفراوي، قال ولم يبلغنا من ثلاثمائة أن أحدا جاوز المائة إلا القاضي أبا الطيب الطبري، وقد ترجمه ابن عساكر في تاريخه ترجمة حسنة، وإن كان قد مات قبله بخمس سنين، فذكر رحلته في طلب الحديث ودورانه في الأقاليم، وأنه كان يتصوف أولا ثم أقام بثغر الاسكندرية وتزوج بامرأة ذات يسار، فحسنت حاله، وبنت عليه مدرسة هناك، وذكر طرفا من أشعاره منها قوله:

أتأمن إلمام المنية بغتة … وأمن الفتى جهل وقد خبر الدهرا

وليس يحابي الدهر في دورانه … أراذل أهليه ولا السادة الزهرا

وكيف وقد مات النبي وصحبه … وأزواجه طرا وفاطمة الزهرا

وله أيضا:

يا قاصدا علم الحديث لدينه … إذ ضل عن طرق الهداية وهمه

إن العلوم كما علمت كثيرة … وأجلها فقه الحديث وعلمه

من كان طالبه وفيه تيقظ … فأتم سهم في المعالي سهمه

لولا الحديث وأهله لم يستقم … دين النبي وشذ عنا حكمه

وإذا استراب بقولنا متحذلق … ما كل فهم في البسيطة فهمه

[ثم دخلت سنة سبع وسبعين وخمسمائة]

استهلت وصلاح الدين مقيم بالقاهرة مواظب على سماع الحديث، وجاءه كتاب من نائبة بالشام عز الدين فروخ شاه يخبره فيه بما من الله به على الناس من ولادة النساء بالتوأم جبرا لما كان أصابهم من الوباء بالعام الماضي والفناء، وبأن الشام مخصبة باذن الله لما كان أصابهم من الغلاء. وفي شوال توجه الملك صلاح الدين إلى الاسكندرية لينظر ما أمر به من تحصين سورها وعمارة أبراجها وقصورها، وسمع بها موطأ مالك على الشيخ أبى طاهر بن عوف، عن الطرطوشي، وسمع معه العماد الكاتب، وأرسل القاضي الفاضل رسالة إلى السلطان يهنئه بهذا السماع.

[ذكر وفاة الملك الصالح بن نور الدين الشهيد «صاحب حلب وما جرى بعده من الأمور»]

كانت وفاته في الخامس والعشرين من رجب من هذه السنة بقلعة حلب، ودفن بها، وكان سبب وفاته فيما قيل أن الأمير علم الدين سليمان بن حيدر سقاه سما في عنقود عنب في الصيد، وقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>