[قدوم وفد ثقيف على رسول الله ﷺ في رمضان من سنة تسع]
تقدم أن رسول الله ﷺ لما ارتحل عن ثقيف سئل أن يدعو عليهم فدعا لهم بالهداية، وقد تقدم أن رسول الله ﷺ حين أسلّم مالك بن عوف النضري أنعم عليه وأعطاه وجعله أميرا على من أسلم من قومه، فكان يغزو بلاد ثقيف ويضيق عليهم حتى ألجأهم الى الدخول في الإسلام، وتقدم أيضا فيما رواه أبو داود عن صخر بن العيلة الأحمسي أنه لم يزل بثقيف حتى أنزلهم من حصنهم على حكم رسول الله ﷺ، فأقبل بهم الى المدينة النبويّة بأذن رسول الله ﷺ له في ذلك.
وقال ابن إسحاق: وقدم رسول الله ﷺ المدينة من تبوك في رمضان، وقدم عليه في ذلك الشهر وفد من ثقيف،
وكان من حديثهم أن رسول الله ﷺ لما انصرف عنهم أتبع أثره عروة بن مسعود حتى أدركه قبل أن يصل الى المدينة فأسلّم وسأله أن يرجع الى قومه بالإسلام. فقال له رسول الله - كما يتحدث قومه - «إنهم قاتلوك» وعرف رسول الله أن فيهم نخوة الامتناع للذي كان منهم فقال عروة: يا رسول الله أنا أحب اليهم من أبكارهم، وكان فيهم كذلك محببا مطاعا، فخرج يدعو فقال عروة: يا رسول الله أنا أحب اليهم من أبكارهم، وكان فيهم كذلك محببا مطاعا، فخرج يدعو قومه الى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف على علية له وقد دعاهم الى الإسلام وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله، فتزعم بنو مالك أنه قتله رجل منهم يقال له أوس بن عوف أخو بنى سالم بن مالك، ويزعم الاحلاف أنه قتله رجل منهم من بنى عتاب يقال له وهب بن جابر، فقيل لعروة ما ترى في دينك (١)؟ قال كرامة أكرمنى الله بها، وشهادة ساقها الله الى فليس فىّ إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله ﷺ قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم فدفنوه معهم
فزعموا ان رسول الله ﷺ قال فيه «إن مثله في قومه كمثل صاحب يس في قومه» وهكذا ذكر موسى بن عقبة قصة عروة ولكن زعم أن ذلك كان بعد حجة أبى بكر الصديق، وتابعه أبو بكر البيهقي في ذلك وهذا بعيد، والصحيح أن ذلك قبل حجة أبى بكر كما ذكره ابن إسحاق والله أعلم.
قال ابن إسحاق: ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهرا، ثم إنهم ائتمروا بينهم رأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا، فائتمروا فيما بينهم وذلك عن رأى عمر وابن أمية أخي بنى علاج فائتمروا بينهم ثم أجمعوا على أن يرسلوا رجلا منهم فأرسلوا عبد يا ليل بن عمرو بن عمير ومعه اثنان من الأحلاف وثلاثة من بنى مالك، وهم الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب، وشرحبيل بن غيلان بن سلمة بن معتب، وعثمان بن أبى العاص، وأوس بن عوف أخو
(١) في دينك واحسبه تصحيف ديتك: وفي ابن هشام. ما ترى في دمك.