للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو جاءوا برملة أو بهند … لبايعنا أمير المؤمنينا

وكان عبيدة السلماني أعورا، وكان أحد أصحاب ابن مسعود الذين يفتنون الناس. توفى بالكوفة] (١)

[ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين]

فيها كان مقتل عبد الله بن الزبير على يدي الحجاج بن يوسف الثقفي المبير قبحه الله وأخزاه، قال الواقدي: حدثني مصعب بن نائب عن نافع مولى بنى أسد - وكان عالما بفتنة ابن الزبير - قال: حصر ابن الزبير ليلة هلال الحجة سنة ثنتين وسبعين وقتل لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأول سنة ثلاث وسبعين، فكان حصر الحجاج له خمسة أشهر وسبع عشرة ليلة. وقد ذكرنا فيما تقدم أن الحجاج حج بالناس في هذه السنة الخارجة، وكان في الحج ابن عمر، وقد كتب عبد الملك إلى الحجاج أن يأتم بابن عمر في المناسك كم ثبت ذلك في الصحيحين، فلما استهلت هذه السنة استهلت وأهل الشام محاصرون أهل مكة، وقد نصب الحجاج المنجنيق على مكة ليحصر أهلها حتى يخرجوا إلى الأمان والطاعة لعبد الملك [وكان مع الحجاج الحبشة، فجعلوا يرمون بالمنجنيق فقتلوا خلقا كثيرا، وكان معه خمس مجانيق فألح عليها بالرمي من كل مكان، وحبس عنهم الميرة والماء، فكانوا يشربون من ماء زمزم، وجعلت الحجارة تقع في الكعبة، والحجاج يصيح بأصحابه: يا أهل الشام الله الله في الطاعة، فكانوا يحملون على ابن الزبير حتى يقال إنهم آخذوه في هذه الشدة، فيشد عليهم ابن الزبير وليس معه أحد حتى يخرجهم من باب بنى شيبة، ثم يكرون عليه فيشد عليهم، فعل ذلك مرارا، وقتل يومئذ جماعة منهم وهو يقول: هذا وأنا ابن الحواري. وقيل لابن الزبير ألا تكلمهم في الصلح!! فقال: والله لو وجدوكم في جوف الكعبة لذبحوكم جميعا والله لا أسألهم صلحا أبدا] (٢) وذكر غير واحد أنهم لما رموا بالمنجنيق جاءت الصواعق والبروق والرعود حتى جعلت تعلو أصواتها على صوت المنجنيق، ونزلت صاعقة فأصابت من الشاميين اثنى عشر رجلا فضعفت عند ذلك قلوبهم عن المحاصرة، فلم يزل الحجاج يشجعهم ويقول: إني خبير بهذه البلاد، هذه بروق تهامة ورعودها وصواعقها، وإن القوم يصيبهم مثل الّذي يصيبكم، وجاءت صاعقة من الغد فقتلت من أصحاب ابن الزبير جماعة كثيرة أيضا، فجعل الحجاج يقول: ألم أقل لكم إنهم يصابون مثلكم [وأنتم على الطاعة وهم على المخالفة، وكان أهل الشام يرتجزون وهم يرمون بالمنجنيق ويقولون: مثل الفنيق المزبد * نرمي بها أعواد هذا المسجد * فنزلت صاعقة على المنجنيق فأحرقته، فتوقف أهل الشام عن الرمي والمحاصرة فخطبهم الحجاج فقال: ويحكم ألم تعلموا أن النار كانت تنزل على من كان قبلنا فتأكل قربانهم إذا تقبل منهم؟ فلولا أن عملكم مقبول ما نزلت النار فأكلته، فعادوا إلى المحاصرة] (٣)


(٣،٢،١) سقط من المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>