الخليفة محمد بن الأشعث الخزاعي في جيش كثيف فاقتتلوا قتالا شديدا، فهزم جهور وقتل عامة من معه، وأخذ ما كان معه من الأموال والحواصل والذخائر، ثم لحقوه فقتلوه. وفيها قتل الملبد الخارجي على يدي خازم بن خزيمة في ثمانية آلاف، وقتل من أصحاب الملبد ما يزيد على ألف وانهزم بقيتهم.
قال الواقدي: وحج بالناس فيها الفضل بن على، والنواب فيها هم المذكورون بالتي قبلها وممن توفى فيها من الأعيان زيد بن واقد، والعلاء بن عبد الرحمن، وليث بن أبى سليم في قول [وفيها كانت خلافة الداخل من بنى أمية إلى بلاد الأندلس وهو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك بن مروان الهاشمي. قلت: ليس هو بهاشمي إنما هو من بنى أمية ويسمى أمويا، كان قد دخل إلى بلاد المغرب فرارا من عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس، فاجتاز بمن معه من أصحابه الذين فروا معه بقوم يقتتلون على عصبية اليمانية والمضرية، فبعث مولاه بدرا إليهم فاستمالهم إليه فبايعوه ودخل بهم ففتح بلاد الأندلس واستحوذ عليها وانتزعها من نائبها يوسف بن عبد الرحمن ابن حبيب بن أبى عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري وقتله. وسكن عبد الرحمن قرطبة واستمر في خلافته في تلك البلاد من هذه السنة إلى سنة ثنتين وسبعين ومائة. فتوفى فيها وله في الملك أربع وثلاثون سنة وأشهر. ثم قام من بعده ولده هشام ست سنين وأشهرا. ثم مات فولى بعده الحكم بن هشام ستا وعشرين سنة وأشهرا ثم مات. ثم ولى بعده ولده عبد الرحمن بن الحكم ثلاثا وثلاثين سنة ثم مات. ثم ولى بعده محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ستا وعشرين سنة. ثم ابنه المنذر بن محمد، ثم أخوه عبد الله بن محمد بن المنذر. وكانت أيامه بعد الثلاثمائة بدهر، ثم زالت تلك الدولة كما سنذكره من زوال تلك السنون وأهلها وما قضوا فيها من النعيم والعيش الرغيد والنساء الحسان ثم انقضت تلك السنوات وأهلها كأنهم على ميعاد، ثم أضحوا كأنهم ورق جف ألوت عليه الصبا والذبول](١)
[ثم دخلت سنة تسع وثلاثين ومائة]
فيها أكمل صالح بن على بناء ملطية ثم غزا الطائفة على طريق الحدث، فوغل في بلاد الروم، وغزا معه أختاه أم عيسى ولبابة ابنتا على، وكانتا نذرتا إن زال ملك بنى أمية أن يجاهدا في سبيل الله ﷿. وفيها كان الفداء الّذي حصل بين المنصور وبين ملك الروم، فاستنقذ بعض أسرى المسلمين ثم لم يكن للناس صائفة في هذه السنة إلى سنة ست وأربعين، وذلك لاشتغال المنصور بأمر ابني عبد الله بن حسن كما سنذكره. ولكن ذكر بعضهم أن الحسن بن قحطبة غزا الصائفة مع عبد الوهاب بن إبراهيم الامام سنة أربعين فالله أعلم.
وفيها وسع المنصور المسجد الحرام، وكانت هذه السنة خصبة جدا - أي كثيرة الخصب فكان