وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ولى المنصور ابنه محمدا العهد من بعده ودعاه بالمهديّ وولاه بِلَادَ خُرَاسَانَ وَعَزَلَ عَنْهَا عَبْدَ الْجَبَّارِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَتَلَ خَلْقًا مِنْ شِيعَةِ الْخَلِيفَةِ، فَشَكَاهُ الْمَنْصُورُ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ كَاتِبِ الرَّسَائِلِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اكْتُبْ إليه ليبعث جيشا كثيفا من خراسان إلى غزو الروم، فإذا خرجوا بعثت إليه من شئت فأخرجوه من بلاد خراسان ذليلا. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ بِذَلِكَ، فَرَدَّ الْجَوَابَ بِأَنَّ بِلَادَ خُرَاسَانَ قَدْ عَاثَتْ بِهَا الْأَتْرَاكُ، وَمَتَى خرج منها جيش خيف عليها وفسد أَمْرُهَا. فَقَالَ الْمَنْصُورُ لِأَبِي أَيُّوبَ: مَاذَا تَرَى؟ قال: فاكتب إليه: إن بلاد خراسان أحق بالمدد لثغور المسلمين من غيرها، وقد جهزت إليك بالجنود. فكتب إليه أيضا: إن بلاد خراسان ضيقة في هذا العام أَقْوَاتُهَا، وَمَتَى دَخَلَهَا جَيْشٌ أَفْسَدَهَا. فَقَالَ الْخَلِيفَةُ لِأَبِي أَيُّوبَ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ:
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا رَجُلٌ قَدْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ وَخَلَعَ فَلَا تُنَاظِرْهُ. فَحِينَئِذٍ بَعَثَ الْمَنْصُورُ ابْنَهُ مُحَمَّدًا المهدي ليقيم بالري، فبعث المهدي بين يديه خازم بن خزيمة مقدمة إلى عبد الجبار، فما زال به يخدعه ومن معه حتى هرب من معه وأخذوه هو فَأَرْكَبُوهُ بَعِيرًا مُحَوَّلًا وَجْهُهُ إِلَى نَاحِيَةِ ذَنَبِ الْبَعِيرِ. وَسَيَّرُوهُ كَذَلِكَ