إلى الحجاج أن يتطلبهم، وكان صالح بن مسرح هذا يكثر الدخول إلى الكوفة والاقامة بها، وكان له جماعة يلوذون به ويعتقدونه، من أهل دارا وأرض الموصل، وكان يعلمهم القرآن ويقص عليهم وكان مصفرا كثير العبادة، وكان إذا قص يحمد الله ويثنى عليه ويصلى على رسوله، ثم يأمر بالزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، ويحث على ذكر الموت ويترحم على الشيخين أبى بكر وعمر، ويثنى عليهما ثناء حسنا، ولكن بعد ذلك يذكر عثمان فيسبه وينال منه وينكر عليه أشياء من جنس ما كان ينكر عليه الذين خرجوا عليه وقتلوه من فجرة أهل الأمصار، ثم يحض أصحابه على الخروج مع الخوارج للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وإنكار ما قد شاع في الناس وذاع، ويهون عليهم القتل في طلب ذلك، ويذم الدنيا ذما بالغا، ويصغر أمرها ويحقره، فالتفت عليه جماعة من الناس، وكتب إليه شبيب بن يزيد الخارجي يستبطئه في الخروج ويحثه عليه ويندب إليه، ثم قدم شبيب على صالح وهو بدارا فتواعدوا وتوافقوا على الخروج في مستهل صفر من هذه السنة الآتية وهي سنة ست وسبعين - وقدم على صالح شبيب وأخوه مصاد والمجلل والفضل بن عامر، فاجتمع عليه من الأبطال وهو بدارا نحو مائة وعشرة أنفس، ثم وثبوا على خيل لمحمد بن مروان فأخذوها ونفروا بها ثم كان من أمرهم بعد ذلك ما كان، كما سنذكره في هذه السنة التي بعدها إن شاء الله تعالى
[وكان ممن توفى فيها]
في قول أبى مسهر وأبى عبيد
[العرباض بن سارية]
﵁ السلمي أبو نجيح سكن حمص وهو صحابى جليل، أسلم قديما هو وعمرو بن عنبسة ونزل الصفة، وكان من البكاءين المذكورين في سورة براءة كما قد ذكرنا أسماءهم عند قوله ﴿وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ﴾ الآية. وكانوا، تسعة وهو راوي حديث «خطبنا رسول الله ﷺ خطبة وجلت منها القلوب وزرفت منها العيون» الحديث إلى آخره. ورواه أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وغيره، وروى أيضا أن النبي ﷺ«كان يصلى على الصف المقدم ثلاثا وعلى الثاني واحدة» وقد كان العرباض شيخا كبيرا، وكان يحب أن يقبضه الله إليه، وكان يدعو: اللهمّ كبرت سنى ووهن عظمي فاقبضنى إليك، وروى أحاديث.
أبو ثعلبة الخشنيّ
صحابى جليل شهد بيعة الرضوان وغزا حنينا وكان ممن نزل الشام بدار يا غربي دمشق إلى جهة القبلة، وقيل ببلاط قرية شرقى دمشق فالله أعلم. وقد اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال كثيرة، والأشهر منها جرثوم بن ناشر، وقد روى عن رسول الله ﷺ أحاديث وعن جماعة من الصحابة، وعنه جماعة من التابعين، منهم سعيد بن المسيب ومكحول الشامي وأبو إدريس الخولانيّ، وأبو قلابة الجرمي، وكان ممن يجالس كعب الأحبار، وكان في كل ليلة يخرج فينظر إلى السماء فيتفكر ثم يرجع إلى المنزل فيسجد لله ﷿، وكان يقول: إني لأرجو أن لا يخنقنى الله عند الموت كما أراكم تختنقون،