انظر هل ترى في المسجد أحدا؟ فذهب فنظر ثم رجع إليه فقال: ليس في المسجد أحد، فقال:
أليس أمرتك أن تنظر هل ترى أحدا قد يكون في المسجد من الأمراء [١] ؟. وقال عن رجل ذكر له ذلك الأسود، ثم قال: أستغفر الله! ما أرانى إلا قد اغتبت الرجل- وكان الرجل أسود- وقال:
اشترك سبعة في قتل امرأة فقتلهم عمر، فقال لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتلها لأبدت خضراءهم.
وَيَزْعُمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ قبره غربي بُصْرَى بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا عُصْمٌ، وَلَمْ أَجِدْ لذلك أصلا، والله أعلم.
انتهى ما ذكره المؤلف.
[فصل]
أدرك وهب بن منبه عدة من الصحابة، وأسند عن ابن عباس وجابر والنعمان بن بشير.
وروى عن معاذ بن جبل وأبى هريرة، وعن طاوس. وعنه من التابعين عدة. وقال وهب: مثل من تعلم علما لا يعمل به كمثل طبيب معه شفاء لا يتداوى به. وعن منير مولى الفضل بن أبى عياش قال: كنت جالسا مع وهب بن منبه فأتاه رجل فقال له: إني مررت بفلان وهو يشتمك، فغضب وقال: ما وجد الشيطان رسولا غيرك؟ فما برحت من عنده حتى جاءه ذلك الشاتم فسلم على وهب فرد عليه السلام، ومد يده إليه وصافحه وأجلسه إلى جنبه. وقال ابن طاوس: سمعت وهبا يقول: ابن آدم احتل لدينك فان رزقك سيأتيك. وقال وهب: كسى أهل النار والعرى كان خيرا لهم، وطعموا والجوع كان خيرا لهم، وأعطوا الحياة والموت كان خيرا لهم. وقال: قال داود عليه السلام: اللَّهمّ أيما فقير سأل غنيا فتصامّ عنه، فأسألك إذا دعاك فلا تجبه، وإذا سألك فلا تعطه. وقال: قرأت في بعض كتب الله: ابن آدم، لَا خَيْرَ لَكَ فِي أَنْ تَعْلَمَ مَا لم تعلم، ولم تعمل بما قد علمت، فان مثلك كمثل رجل احتطب حطبا فحزم حزمة فذهب يَحْمِلَهَا فَعَجَزَ عَنْهَا فَضَمَّ إِلَيْهَا أُخْرَى. وَقَالَ: إن للَّه ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا منها عالم واحد، وما العمارة في الخراب إلا كفسطاط في الصحراء.
وروى الطبراني عنه أنه قال: إذا أردت أن تعمل بطاعة الله عز وجل فاجتهد في نصحك وعملك للَّه، فان العمل لا يقبل ممن ليس بناصح، والنصح للَّه لا يكمل إلا بطاعة الله، كمثل الثمرة الطيبة ريحها وطعمها، كذلك مثل طاعة الله، النصح ريحها، والعمل طعمها، ثم زين طاعتك بالحلم