وأنه انتهت إليه رياسة العلم بها، وكان يحضر مجلسه أربعمائة طيلسان أخضر، وكان من المتعصبين للشافعي، وصنف مناقبه. وقال غيره: كان حسن الصلاة كثير الخشوع فيها والتواضع. قال الأزدي ترك حديثه ولم يتابع الأزدي على ذلك. ولكن روى عن الامام أحمد أنه تكلم فيه بسبب كلامه في القرآن، وأن لفظه به مخلوق كما نسب ذلك إلى الامام البخاري رحمهما الله. قلت: وقد كان من الفقهاء للشهورين ولكن حصر نفسه بنفيه للقياس الصحيح فضاق بذلك ذرعه في أماكن كثيرة من الفقه، فلزمه القول بأشياء قطعية صار إليها بسبب اتباعه الظاهر المجرد من غير تفهم لمعنى النص.
وقد اختلف الفقهاء القياسيون بعده في الاعتداد بخلافه هل ينعقد الإجماع بدونه مع خلافه أم لا؟ على أقوال ليس هذا موضع بسطها.
وفيها توفى الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعيّ وقد ترجمناه في طبقات الشافعية. والقاضي بكار بن قتيبة الحاكم بالديار المصرية من سنة ست وأربعين ومائتين إلى أن توفى مسجونا بحبس أحمد بن طولون لكونه لم يخلع الموفق في سنة سبعين، وكان عالما عابدا زاهدا كثير التلاوة والمحاسبة لنفسه، وقد شغر منصب القضاء بعده بمصر ثلاث سنين.
وابن قتيبة الدينَوَريّ
وهو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينَوَريّ قاضيها، النحويّ اللغوي صاحب المصنفات البديعة المفيدة المحتوية على علوم جمة نافعة، اشتغل ببغداد وسمع بها الحديث على إسحاق بن راهويه، وطبقته، وأخذ اللغة عن أبى حاتم السجستاني وذويه، وصنف وجمع وألف المؤلفات الكثيرة: منها كتاب المعارف، وأدب الكاتب الّذي شرحه أبو محمد بن السيد البطليوسي، وكتاب مشكل القرآن والحديث، وغريب القرآن والحديث، وعيون الأخبار، وإصلاح الغلط، وكتاب الخليل، وكتاب الأنوار، وكتاب المسلسل والجوابات، وكتاب الميسر والقداح، وغير ذلك. كانت وفاته في هذه السنة، وقيل في التي بعدها. ومولده في سنة ثلاث عشرة ومائتين، ولم يجاوز الستين.
وروى عنه ولده أحمد جميع مصنفاته. وقد ولى قضاء مصر سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. وتوفى بها بعد سنة رحمهما الله.
ومحمد بن إسحاق بن جعفر الصفار. ومحمد بن أسلم بن وارة. ومصعب بن أحمد أبو أحمد الصوفي كان من أقران الجنيد. وفيها توفى ملك الروم ابن الصقلبية لعنه الله. وفيها ابتدأ إسماعيل بن موسى ببناء مدينة لارد من بلاد الأندلس.
[ثم دخلت سنة مائتين وإحدى وسبعين]
فيها عزل الخليفة عمرو بن الليث عن ولاية خراسان وأمر بلعنه على المنابر، وفوض أمر