للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين يديه واستراح الناس من شرهم. وأظن هذه الحكايات التي يذكرها بعض الناس عن أحمد الدنف عنهم، أو كان منهم والله أعلم.

وفي ذي القعدة عزل الشريف الموسوي وولداه عن نقابة الطالبيين. وفيها رجع ركب العراق من أثناء الطريق بعد ما فاتهم الْحَجِّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأُصَيْفِرَ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي كَانَ قَدْ تَكَفَّلَ بِحِرَاسَتِهِمُ اعْتَرَضَ لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ وذكر لهم أن الدنانير التي أقطعت لَهُ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ كَانَتْ دَرَاهِمَ مَطْلِيَّةً، وأنه يريد من الحجيج بدلها وإلا لا يدعهم يتجاوزوا هذا المكان، فمانعوه وراجعوه، فحبسهم عن السير حتى ضاق الوقت ولم يبق فيه ما يدركوا فيه الحج فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَلَمْ يَحُجَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وكذلك ركب الشام وأهل اليمن لم يحج منهم أَحَدٌ، وَإِنَّمَا حَجَّ أَهْلُ مِصْرَ وَالْمَغْرِبِ خَاصَّةً. وفي يوم عرفة قلد الشريف أبو الحسين الزَّيْنَبِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي تَمَّامٍ الزَّيْنَبِيُّ نِقَابَةَ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَقُرِئَ عَهْدُهُ بَيْنَ يَدَيِ الخليفة بحضرة القضاة والأعيان.

[وفيها توفى من الأعيان]

الصابئي الكاتب المشهور صاحب التصانيف، وهو:

[إبراهيم بن هلال]

ابن إبراهيم بن زهرون بن حبون أبو إسحاق الحراني كاتب الرسائل للخليفة ولمعز الدولة بن بويه، كان على دين الصابئة إلى أن مات عليه، وَكَانَ مَعَ هَذَا يَصُومُ رَمَضَانَ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ يَحْفَظُهُ حِفْظًا حَسَنًا، وَيَسْتَعْمِلُ منه في الرسائل، وكانوا يحرضون عليه أَنْ يُسْلِمَ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ قوى. توفى في شوال منها وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ، وَقَدْ رَثَاهُ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ وقال: إنما رثيت فضائله، وليس له فضائل ولا هو أهل لها ولا كرامة.

[عبد الله بن محمد]

ابن نافع بن مكرّم أبو العباس البستي الزَّاهِدُ، وَرِثَ مِنْ آبَائِهِ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَأَنْفَقَهَا كلها في وجوه الخير والقرب، وَكَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، يُقَالُ إِنَّهُ مَكَثَ سَبْعِينَ سنة لم يَسْتَنِدُ إِلَى حَائِطٍ وَلَا إِلَى شَيْءٍ، وَلَا اتكأ عَلَى وِسَادَةٍ، وَحَجَّ مِنْ نَيْسَابُورَ مَاشِيًا حَافِيًا، وَدَخَلَ الشَّامَ وَأَقَامَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ شُهُورًا، ثُمَّ دَخَلَ مِصْرَ وَبِلَادَ الْمَغْرِبِ، وَحَجَّ مِنْ هُنَاكَ ثم رجع إلى بلاده بست، وكان له بها بقية أموال وأملاك فتصدق بها كلها، وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَتَأَلَّمُ وَيَتَوَجَّعُ، فَقِيلَ له في ذلك فَقَالَ: أَرَى بَيْنَ يَدَيَّ أُمُورًا هَائِلَةً، وَلَا أدرى كيف أنجو منها. توفى فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَلَيْلَةَ مَوْتِهِ رَأَتِ امْرَأَةٌ أُمَّهَا بعد موتها وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ حِسَانٌ وَزِينَةٌ فَقَالَتْ: يَا أُمَّهْ ما هذه الزينة؟

فقالت: نحن في عيد لأجل قدوم عبيد الله بن محمد الزاهد البستي عَلَيْنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>