الخزائن أتلف شيئا كثيرا من الذخائر والنفائس والكتب. وفي التاسع والعشرين من ربيع الأول خطب الخليفة الحاكم وحث في خطبته على الجهاد والنفير، وصلى بهم الجمعة وجهر بالبسملة. وفي ليلة السبت ثالث عشر صفر جيء بهذا الجرز الأحمر الّذي بباب البرادة من عكا، فوضع في مكانه.
وفي ربيع الأول كمل بناء الطارمة وما عندها من الدور والقبة الزرقاء، وجاءت في غاية الحسن والكمال والارتفاع. وفي يوم الاثنين ثانى جمادى الأولى ذكر الدرس بالظاهرية الشيخ صفى الدين محمد بن عبد الرحيم الأرموي، عوضا عن علاء الدين بن بنت الاعز. وفي هذا اليوم درس بالدولعية كمال الدين بن الزكي. وفي يوم الاثنين سابع جمادى الآخرة درس بالنجيبية الشيخ ضياء الدين عبد العزيز الطوسي، بمقتضى نزول الفارقيّ له عنها. والله أعلم بالصواب.
[فتح قلعة الروم]
وفي ربيع الأول منها توجه السلطان الأشرف بالعساكر نحو الشام فقدم دمشق ومعه وزيره ابن السلعوس فاستعرض الجيوش وأنفق فيهم أموالا جزيلة، ثم سار بهم نحو بلاد حلب، ثم سار إلى قلعة الروم فافتتحها بالسيف قهرا في يوم السبت حادي عشر رجب، وجاءت البشارة بذلك إلى دمشق، وزينت البلد سبعة أيام وبارك الله لجيش المسلمين في سعيهم، وكان يوم السبت إلبا على أهل يوم الأحد، وكان الفتح بعد حصار عظيم جدا، مدة ثلاثين يوما، وكانت المنجنيقات تزيد على ثلاثين منجنيقا، واستشهد من الأمراء شرف الدين بن الخطير، وقد قتل من أهل البلد خلق كثير وغنم المسلمون منها شيئا كثيرا، ثم عاد السلطان إلى دمشق وترك الشجاعي بقلعة الروم يعمرون ما وهى من قلعتها بسبب رمى المنجنيقات عليها وقت الحصار، وكان دخوله إلى دمشق بكرة يوم الثلاثاء تاسع عشر شعبان، فاحتفل الناس لدخوله ودعوا له وأحبوه، وكان يوما مشهودا بسط له كما يبسط له إذا قدم من الديار المصرية، وإنما كان ذلك بإشارة ابن السلعوس، فهو أول من بسط له، وقد كسر أبوه التتر على حمص ولم يبسط له، وكذلك الملك الظاهر كسر التتر والروم على البلستين، وفي غير موطن ولم يبسط له، وهذه بدعة شنعاء قد أحدثها هذا الوزير للملوك، وفيها إسراف وضياع مال وأشر وبطر ورياء وتكليف للناس، وأخذ أموال ووضعها في غير مواضعها، والله سبحانه سائله عنها، وقد ذهب وتركها يتوارثها الملوك والناس عنه، وقد حصل للناس بسبب ذلك ظلم عظيم، فليتق العبد ربه ولا يحدث في الإسلام بسبب هواه ومراد نفسه ما يكون سبب مقت الله له، وإعراضه عنه، فان الدنيا لا تدوم لأحد، ولا يدوم أحد فيها والله سبحانه أعلم.
وكان ملك قلعة الروم مع السلطان أسيرا، وكذلك رءوس أصحابه، فدخل بهم دمشق وهم يحملون رءوس أصحابهم على رءوس الرماح، وجهز السلطان طائفة من الجيش نحو جبل كسروان والجزر بسبب