وفي شعبان منها أخرج المفسدات من الخواطئ من بغداد، وأمرهن أن ينادين على أنفسهن بالعار والفضيحة، وخرب الخمارات ودور الزواني والمغاني، وأسكنهن الجانب الغربي مع الذل والصغار، وخرب أبرجة الحمام، ومنع اللعب بها، وأمر الناس باحتراز عوراتهم فِي الْحَمَّامَاتِ وَمَنَعَ أَصْحَابَ الْحَمَّامَاتِ أَنْ يَصْرِفُوا فَضَلَاتِهَا إِلَى دِجْلَةَ، وَأَلْزَمَهُمْ بِحَفْرِ آبَارٍ لِتِلْكَ الْمِيَاهِ الْقَذِرَةِ صِيَانَةً لِمَاءِ الشُّرْبِ. وَفِي شَوَّالٍ منها وَقَعَتْ نَارٌ فِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي بَغْدَادَ، حَتَّى فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ، وَوَقَعَ بِوَاسِطٍ حَرِيقٌ فِي تِسْعَةِ أَمَاكِنَ، وَاحْتَرَقَ فِيهَا أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ دَارًا وستة خانات، وأشياء كثيرة غير ذلك، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. ٢: ١٥٦ وَفِيهَا عُمِلَ الرَّصْدُ للسلطان ملك شاه اجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْمُنَجِّمِينَ وَأَنْفَقَ عليه أموالا كثيرة، وبقي دَائِرًا حَتَّى مَاتَ السُّلْطَانُ فَبَطَلَ.
وَفِي ذِي الحجة منها أعيدت الخطب لِلْمِصْرِيِّينَ وَقُطِعَتْ خُطْبَةُ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَذَلِكَ لَمَّا قَوِيَ أمر صاحب مصر بعد ما كان ضعيفا بسبب غلاء بلده، فلما رخصت تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَيْهَا، وَطَابَ الْعَيْشُ بِهَا، وَقَدْ كانت الخطبة للعباسيين بمكة منذ أربعين سنة وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَسَتَعُودُ كَمَا كَانَتْ عَلَى مَا سيأتي