للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفنا. وقد سألت الله ثلاثا: أن يميتني فقيرا، وَأَنْ يَجْعَلَ وَفَاتِي فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَإِنِّي صَحِبْتُ فِيهِ أَقْوَامًا، وَأَنْ يَجْعَلَ عِنْدِي مَنْ آنس به وأحبه. ثم أغمض عَيْنَيْهِ وَمَاتَ.

أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ الْحَسَنُ بْنُ أحمد

ابن يزيد بن عيسى بن الفضل بن يسار، أبو سعيد الاصطخرى أحد أئمة الشافعية، كان زاهدا نَاسِكًا عَابِدًا، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِقُمَّ، ثُمَّ حِسْبَةَ بَغْدَادَ، فَكَانَ يَدُورُ بِهَا وَيُصَلِّي عَلَى بَغْلَتِهِ، وهو دائر بَيْنَ الْأَزِقَّةِ، وَكَانَ مُتَقَلِّلًا جِدًّا. وَقَدْ ذَكَرْنَا ترجمته في طبقات الشافعية، وَلَهُ كِتَابُ الْقَضَاءِ لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهُ فِي بَابِهِ، تُوُفِّيَ وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو الْحَسَنِ الْمُزَيِّنُ الصَّغِيرُ

أَحَدُ مَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ، أَصْلُهُ مِنْ بَغْدَادَ، وَصَحِبَ الْجُنَيْدَ وَسَهْلًا التُّسْتَرِيَّ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ حَتَّى تُوفِّيَ في هذه السنة، وكان يحكى عن نفسه قال: وَرَدْتُ بِئْرًا فِي أَرْضِ تَبُوكَ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا زَلِقْتُ فَسَقَطْتُ فِي الْبِئْرِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يراني. فلما كنت في أسفله إذا فيه مصطبة فتعلقت بها وقلت: إن مت لم أُفْسِدُ عَلَى النَّاسِ الْمَاءَ وَسَكَنَتْ نَفْسِي وَطَابَتْ لِلْمَوْتِ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَفْعَى قَدْ تَدَلَّتْ عَلَيَّ فَلَفَّتْ عَلَيَّ ذَنَبَهَا ثُمَّ رَفَعَتْنِي حَتَّى أَخْرَجَتْنِي إِلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَانْسَابَتْ فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَتْ، وَلَا مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ. وَفِي مَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ آخَرُ يُقَالُ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُزَيِّنُ الْكَبِيرُ، جَاوَرَ بِمَكَّةَ وَمَاتَ بِهَا أَيْضًا، وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ. رَوَى الْخَطِيبُ عَنْ على بن أبى على إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيَّ عَنْ جَعْفَرٍ الْخُلْدِيِّ قَالَ:

وَدَّعْتُ فِي بَعْضِ حَجَّاتِي الْمُزَيِّنَ الْكَبِيرَ فَقُلْتُ لَهُ: زَوِّدْنِي. فَقَالَ لِي: إِذَا فَقَدْتَ شَيْئًا فَقُلْ يَا جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، اجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ كَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ بينك وبين ذلك الشيء. قال: وجئت إِلَى الْكَتَّانِيِّ فَوَدَّعْتُهُ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُزَوِّدَنِي، فَأَعْطَانِي خَاتَمًا عَلَى فَصِّهِ نَقْشٌ فَقَالَ: إِذَا اغْتَمَمْتَ فانظر إلى فص هذا الخاتم يزول غَمُّكَ. قَالَ: فَكُنْتُ لَا أَدْعُو بِذَلِكَ الدُّعَاءِ إلا استجيب لي، ولا انظر في ذلك الفص إلا زال غمي، فبينا أنا ذات يوم في سمرية إِذْ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَأَخْرَجْتُ الْخَاتَمَ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمْ أَدْرِ كَيْفَ ذَهَبَ، فَجَعَلْتُ أَدْعُو بذلك الدعاء يومى أجمع أن يجمع على الخاتم، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ فَتَّشْتُ الْمَتَاعَ الَّذِي فِي الْمَنْزِلِ فَإِذَا الْخَاتَمُ فِي بَعْضِ ثِيَابِي الَّتِي كَانَتْ بِالْمَنْزِلِ.

صَاحِبُ كِتَابِ الْعِقْدِ الْفَرِيدِ. أحمد بن عبد ربه

ابن حبيب بن جرير بْنِ سَالِمٍ أَبُو عُمَرُ الْقُرْطُبِيُّ، مَوْلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامِ ابن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الْأُمَوِيِّ. كَانَ مِنَ الْفُضَلَاءِ الْمُكْثِرِينَ، وَالْعُلَمَاءِ بِأَخْبَارِ الْأَوَّلِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَكِتَابُهُ الْعِقْدُ يَدُلُّ عَلَى فَضَائِلَ جَمَّةٍ، وعلوم كثيرة مهمة، ويدل كَثِيرٌ مِنْ كَلَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>