[أبو جندل بن سهيل]
ابن عَمْرٍو، وَقِيلَ اسْمُهُ الْعَاصُ أَسْلَمُ قَدِيمًا وَقَدْ جَاءَ يَوْمَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ مُسْلِمًا يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ لِأَنَّهُ كَانَ قَدِ اسْتُضْعِفَ فَرَدَّهُ أَبَوْهُ وَأَبَى أَنْ يُصَالِحَ حَتَّى يُرَدَّ، ثُمَّ لَحِقَ أَبُو جَنْدَلٍ بِأَبِي بَصِيرٍ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ فَتْحَ الشَّامِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَأَوَّلَ آيَةَ الْخَمْرِ ثُمَّ رَجَعَ، وَمَاتَ بِطَاعُونِ عَمَوَاسَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ هُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ تَقَدَّمَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، قِيلَ اسْمُهُ كَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ قَدِمَ مُهَاجِرًا سَنَةَ خَيْبَرَ مَعَ أَصْحَابِ السَّفِينَةِ، وَشَهِدَ مَا بَعْدَهَا، وَاسْتُشْهِدَ بِالطَّاعُونِ عَامَ عَمَوَاسَ هُوَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَجَلُولَاءَ فِيهَا. وَالْمَشْهُورُ خِلَافُ مَا قَالَ كَمَا تَقَدَّمَ. وقال محمد ابن إِسْحَاقَ: كَانَ فَتْحُ الْجَزِيرَةِ وَالرُّهَا وَحَرَّانَ وَرَأْسِ الْعَيْنِ وَنَصِيبِينَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ وَخَلِيفَةُ وَابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَ فَتْحُ قَيْسَارِيَّةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَأَمِيرُهَا مُعَاوِيَةُ. وَقَالَ غَيْرُهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ افْتَتَحَهَا قَبْلَ هَذَا بسنتين. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ كَانَ فَتْحُ قَيْسَارِيَّةَ مِنْ فِلَسْطِينَ وَهَرَبُ هِرَقْلَ وَفَتْحُ مِصْرَ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ. وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ فَتْحُ قَيْسَارِيَّةَ وَفَتْحُ مِصْرَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَأَمَّا فَتْحُ قَيْسَارِيَّةَ فَقَدْ تَقَدَّمَ، وَأَمَّا فَتْحُ مِصْرَ فَإِنِّي سَأَذْكُرُهُ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَتْ نَارٌ من حرة ليلا فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَخْرُجُ بِالرِّجَالِ إِلَيْهَا، ثُمَّ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِالصَّدَقَةِ فَطَفِئَتْ وللَّه الْحَمْدُ. وَيُقَالُ كَانَ فِيهَا وَقْعَةُ أَرْمِينِيَّةَ، وَأَمِيرُهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَقَدْ أُصِيبَ فِيهَا صَفْوَانُ بْنُ المعطل بن رخصة السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ، وَكَانَ أَحَدَ الْأُمَرَاءِ يَوْمَئِذٍ. وَقَدْ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا» وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُنَافِقُونَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ فَبَرَّأَ اللَّهُ سَاحَتَهُ، وَجَنَابَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَوْجَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَالُوا. وَقَدْ كَانَ إِلَى حِينِ قَالُوا لَمْ يَتَزَوَّجْ، ولهذا قال والله ما كشفت كنف أثنى قَطُّ. ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ كَثِيرَ النَّوْمِ رُبَّمَا غَلَبَ عَلَيْهِ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي وَقْتِهَا، كَمَا جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ.
وَكَانَ شَاعِرًا ثُمَّ حَصَلَتْ لَهُ شَهَادَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قِيلَ بِهَذَا الْبَلَدِ، وقيل بالجزيرة، وقيل بشمشاط.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا فِيمَا سَلَفَ. وَفِيهَا فُتِحَتْ تَكْرِيتُ فِي قَوْلٍ وَالصَّحِيحُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِيهَا فِيمَا ذَكَرْنَا أَسَرَتِ الرُّومُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ. وَفِيهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ قُتِلَ فِيهَا أَمِيرُ الْمَجُوسِ شَهْرَكُ، وَكَانَ أَمِيرَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ عُمَرُ، وَنُوَّابُهُ في الْبِلَادِ وَقُضَاتُهُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ قَبْلَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute