وممن توفى فيها من الأعيان أبى بن كعب سيد القراء، وهو أبى بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، أبو المنذر وأبو الطفيل، الأنصاري النجاري سيد القراء شهد العقبة وبدرا وما بعدهما، وكان سيدا جليل القدر. وهو أحد القراء الأربعة الخزرجيين الذين جمعوا القرآن في حياة رسول الله ﷺ وقد قال لعمر يوما: إني تلقيت القرآن ممن تلقاه منه جبريل وهو رطب. وفي المسند والنسائي وابن ماجة من طريق أبى قلابة عن أنس مرفوعا «أقرأ أمتى أبى ابن كعب»
وفي الصحيح أن رسول الله ﷺ قال له «إن الله أمرنى أن أقرأ عليك القرآن».
قال: وسماني لك؟ «قال نعم» فذرفت عيناه وقد تكلمنا على ذلك في التفسير عند سورة ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ قال الهيثم بن عدي: توفى أبى سنة تسع عشرة. وقال يحيى بن معين: سنة سبع عشرة أو عشرين. وقال الواقدي عن غير واحد: توفى سنة ثنتين وعشرين. وبه قال أبو عبيد وابن نمير وجماعة. وقال الفلاس وخليفة: توفى في خلافة عثمان بن عفان ﵁ * وفيها مات خباب مولى عتبة بن غزوان من المهاجرين شهد بدرا وما بعدها، وهو صحابى من السابقين وصلى عليه عمر * ومات فيها صفوان بن المعطل في قول كما تقدم والله أعلم.
[سنة عشرين من الهجرة]
قال محمد بن إسحاق: فيها كان فتح مصر. وكذا قال الواقدي: إنها فتحت هي واسكندرية في هذه السنة. وقال أبو معشر: فتحت مصر سنة عشرين، واسكندرية في سنة خمس وعشرين. وقال سيف: فتحت مصر واسكندرية في سنة ست عشرة في ربيع الأول منها. ورجح ذلك أبو الحسن ابن الأثير في الكامل لقصة بعث عمرو الميرة من مصر عام الرمادة، وهو معذور فيما رجحه والله أعلم.
وفيها كان فتح تستر في قول طائفة من علماء السير بعد محاصرة سنتين وقيل سنة ونصف والله أعلم.
[صفة فتح بلاد مصر مجموعا من كلام ابن إسحاق وسيف وغيرهما]
قالوا: لما استكمل عمر والمسلمون فتح الشام بعث عمرو بن العاص إلى مصر وزعم سيف أنه بعثه بعد فتح بيت المقدس، وأردفه بالزبير بن العوام وفي صحبته بشر بن أرطاة، وخارجة بن حذافة، وعمير ابن وهب الجمحيّ. فاجتمعا على باب مصر فلقيهم أبو مريم جاثليق مصر ومعه الأسقف أبو مريام في أهل الثبات، بعثه المقوقس صاحب اسكندرية لمنع بلادهم، فلما تصافوا قال عمرو بن العاص لا تعجلوا حتى نعذر، ليبرز إليّ بو مريم وأبو مريام راهبا هذه البلاد، فبرزا إليه، فقال لهما عمرو بن العاص:
أنتما راهبا هذه البلاد فاسمعا، إن الله بعث محمدا ﷺ بالحق وأمره به وأمرنا به محمد ﷺ، وأدى