للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنون عن كئوس الزرجون، فقتل من الفرنج في يوم واحد زيادة عن ثلاثين ألف، وأسروا جماعة من ملوكهم وقسوسهم وأساقفتهم، وخلقا من أمراء المسلمين، وبعثوا بالأسارى إلى الصالح أيوب بمصر، وكان يومئذ يوما مشهودا وأمرا محمودا، ولله الحمد. وقد قال بعض أمراء المسلمين قد علمت أنا لما وقفنا تحت صلبان الفرنج أنا لا نفلح. وغنمت الخوارزمية من الفرنج ومن كان معهم شيئا كثيرا، وأرسل الصالح أيوب إلى دمشق ليحاصرها، فحصنها الصالح إسماعيل وخرب من حولها رباعا كثيرة، وكسر جسر باب توما فسار النهر فتراجع الماء حتى صار بحيرة من باب توما وباب السلامة، فغرق جميع ما كان بينهما من العمران، وافتقر كثير من الناس، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾.

[وممن توفى فيها من الأعيان]

[الملك المغيث عمر بن الصالح أيوب]

كان الصالح إسماعيل قد أسره وسجنه في برج قلعة دمشق، حين أخذها في غيبة الصالح أيوب.

فاجتهد أبوه بكل ممكن في خلاصة فلم يقدر، وعارضه فيه أمين الدولة غزال المسلماني، واقف المدرسة الأمينية التي ببعلبكّ، فلم يزل الشاب محبوسا في القلعة من سنة ثمان وثلاثين إلى ليلة الجمعة ثانى عشر ربيع الآخر من هذه السنة، فأصبح ميتا في محبسه غما وحزنا، ويقال إنه قتل فالله أعلم.

وكان من خيار أبناء الملوك، وأحسنهم شكلا، وأكملهم عقلا. ودفن عند جده الكامل في تربته شمالي الجامع، فاشتد حنق أبيه الصالح أيوب على صاحب دمشق.

[وممن توفى فيها شيخ الشيوخ بدمشق: تاج الدين أبو عبد الله بن عمر بن حمويه]

أحد الفضلاء المؤرخين المصنفين، له كتاب في ثماني مجلدات، ذكر فيه أصول، وله السياسة الملوكية صنفها للكامل محمد وغير ذلك، وسمع الحديث وحفظ القرآن، وكان قد بلغ الثمانين، وقيل إنه لم يبلغها، وقد سافر إلى بلاد المغرب في سنة ثلاث وتسعين، واتصل بمراكش عند ملكها المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، فأقام هناك إلى سنة ستمائة، فقدم إلى ديار مصر وولى مشيخة الشيوخ بعد أخيه صدر الدين بن حمويه رحمه الله تعالى.

[الوزير نصر الدين أبو الأزهر]

أحمد بن محمد بن على بن أحمد الناقد البغدادي وزير المستنصر ثم ابنه المستعصم، كان من أبناء التجار، ثم توصل إلى أن وزر لهذين الخليفتين، وكان فاضلا بارعا حافظا للقرآن كثير التلاوة، نشأ في حشمة باذخة، ثم كان في وجاهة هائلة، وقد أقعد في آخر أمره، وهو مع هذا في غاية الاحترام والاكرام، وله أشعار حسنة أورد منها ابن الساعي قطعة صالحة، توفى في هذه السنة وقد جاوز الخمسين رحمه الله تعالى.

[نقيب النقباء خطيب الخطباء]

وكيل الخلفاء أبو طالب الحسين بن أحمد بن على بن أحمد بن معين بن هبة الله بن محمد بن على

<<  <  ج: ص:  >  >>