ابن معمر بن عثمان أبو حفص القرشي التميمي أحد الأجواد والأمراء الأمجاد، فتحت على يديه بلدان كثيرة، وكان نائبا لابن الزبير على البصرة، وقد فتح كابل مع عبد الله بن خازم، وهو الّذي قتل قطري بن الفجاءة، وروى عن ابن عمر وجابر وغيرهما، وعن عطاء بن أبى رباح، وابن عون، ووفد على عبد الملك فتوفى بدمشق سنة ثنتين وثمانين. قاله المدائني. وحكى أن رجلا اشترى جارية كانت تحسن القرآن والشعر وغيره فأحبها حبا شديدا وأنفق عليها ماله كله حتى أفلس ولم يبق له شيء سوى هذه الجارية، فقالت له الجارية: قد أرى ما بك من قلة الشيء. فلو بعتني وانتفعت بثمني صلح حالك، فباعها لعمر بن عبيد الله هذا - وهو يومئذ أمير البصرة - بمائة ألف درهم، فلما قبض المال ندم وندمت الجارية، فأشارت تخاطب سيدها بأبيات شعر وهي: -
هنيئا لك المال الّذي قد أخذته … ولم يبق في كفيّ الا تفكري
أقول لنفسي وهي في كرب عيشة … أقلى فقد بان الخليط أو اكثرى
إذا لم يكن في الأمر عندك حيلة … ولم تجدى بدا من الصبر فاصبرى
فأجابها سيدها فقال: -
ولولا قعود الدهر بى عنك لم يكن … لفرقتنا شيء سوى الموت فاصبرى
أءوب بحزن من فراقك موجع … أناجى به قلبا طويل التذكر
عليك سلام لا زيارة بيننا … ولا وصل الا أن يشاء ابن معمر
فلما سمعهما ابن معمر قد شببت قال: والله لا فرقت بين محبين أبدا، ثم أعطاه المال - وهو مائة ألف - والجارية لما رأى من توجعهما على فراق كل منهما صاحبه، فأخذ الرجل الجارية وثمنها وانطلق. توفى عمر بن عبيد الله بن معمر هذا بدمشق بالطاعون، وصلى عليه عبد الملك بن مروان، ومشى في جنازته وحضر دفنه وأثنى عليه بعد موته، وكان له من الولد طلحة وهو من سادات قريش تزوج فاطمة بنت القاسم بن محمد بن جعفر على صداق أربعين ألف دينار، فأولدها إبراهيم ورملة، فتزوج رملة إسماعيل بن على بن عبد الله بن عباس على صداق مائة ألف دينار ﵏.
[كميل بن زياد]
ابن نهيك بن خيثم النخعي الكوفي. روى عن عمر وعثمان وعلى وابن مسعود وأبى هريرة، وشهد مع على صفين، وكان شجاعا فاتكا، وزاهدا عابدا، قتله الحجاج في هذه السنة، وقد عاش مائة سنة قتله صبرا بين يديه، وإنما نقم عليه لأنه طلب من عثمان بن عفان القصاص من لطمة لطمها إياه، فلما أمكنه عثمان من نفسه عفا عنه، فقال له الحجاج: أو مثلك يسأل من أمير المؤمنين القصاص؟