وقد أقيمت الصلاة، وهذا إنما يكون في المسجد الأعظم بدمشق، وهو هذا الجامع. وما وقع في صحيح مسلم من رواية النواس بن سمعان الكلابي: فينزل على المنارة البيضاء شرقى دمشق، كأنه والله أعلم مروى بالمعنى بحسب ما فهمه الراويّ، وإنما هو ينزل على المنارة الشرقية بدمشق، وقد أخبرت ولم أقف عليه إلى الآن أنه كذلك، في بعض ألفاظ هذا الحديث، في بعض المصنفات، والله المسئول المأمول أن يوفقني فيوقفني على هذه اللفظة، وليس في البلد منارة تعرف بالشرقية سوى هذه، وهي بيضاء بنفسها، ولا يعرف في بلاد الشام منارة أحسن منها، ولا أبهى ولا أعلى منها، ولله الحمد والمنة [قلت: نزول عيسى على المنارة التي بالجامع الأموي غير مستنكر، وذلك أن البلاء بالدجال يكون قد عم فينحصر الناس داخل البلد، ويحصرهم الدجال بها، ولا يتخلف أحد عن دخول البلد إلا أن يكون متبعا للدجال، أو مأسورا معه، فان دمشق في آخر الزمان تكون معقل المسلمين وحصنهم من الدجال، فإذا كان الأمر كذلك فمن يصلى خارج البلد، والمسلمون كلهم داخل البلد، وعيسى إنما ينزل وقد أقيمت الصلاة فيصلي مع المسلمين، ثم يأخذهم ويطلب الدجال ليقتله، وبعض العوام يقول: إن المراد بالمنارة الشرقية بدمشق، منارة مسجد بلاشو، خارج باب شرقى. وبعضهم يقول:
إنها المنارة التي على نفس باب شرقى. فالله أعلم بمراد رسول الله ﷺ، وهو سبحانه العالم بكل شيء، المحيط بكل شيء، القادر على كل شيء، القاهر فوق كل شيء، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض] (١)
[الكلام على ما يتعلق برأس يحيى بن زكريا ﵉]
وروى ابن عساكر عن زيد بن واقد قال: وكلني الوليد على العمال في بناء جامع دمشق، فوجدنا فيه مغارة فعرفنا الوليد ذلك، فلما كان الليل وافانا وبين يديه الشمع، فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة، ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع، وإذا فيها صندوق، ففتح الصندوق فإذا فيه سفط وفي السفط رأس يحيى ابن زكريا ﵉. مكتوب عليه هذا رأس يحيى بن زكريا، فأمر به الوليد فرد إلى مكانه، وقال: اجعلوا العمود الّذي فوقه مغيرا من بين الأعمدة، فجعل عليه عمود مسفط الرأس، وفي رواية عن زيد بن واقد أن ذلك الموضع كان تحت ركن من أركان القبة - يعنى قبل أن تبنى - قال: وكان على الرأس شعر وبشر. وقال الوليد بن مسلم عن زيد بن واقد قال: حضرت رأس يحيى بن زكريا وقد أخرج من الليطة القبلية الشرقية التي عند مجلس بجيلة، فوضع تحت عمود الكاسة، قال الأوزاعي والوليد بن مسلم: هو العمود الرابع المسفط. وروى أبو بكر بن البرامي عن أحمد بن أنس ابن مالك عن حبيب المؤذن عن أبى زياد وأبى أمية الشعناييين عن سفيان الثوري أنه قال: صلاة