في مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة. وهذا غريب جدا. وروى ابن عساكر من طريق أبى مسهر عن المنذر بن نافع - مولى أم عمرو بنت مروان - عن أبيه - وفي رواية عن رجل قد سماه - أن واثلة ابن الأسقع خرج من باب المسجد الّذي يلي باب جيرون فلقيه كعب الأحبار فقال: أين تريد؟ قال واثلة: أريد بيت المقدس. فقال: تعال أريك موضعا في المسجد من صلى فيه فكأنما صلى في بيت المقدس، فذهب به فأراه ما بين الباب الأصفر الّذي يخرج منه الوالي - يعنى الخليفة - إلى الحنية - يعنى القنطرة الغربية - فقال: من صلى فيما بين هذين فكأنما صلى في بيت المقدس، فقال واثلة: إنه لمجلسى ومجلس قومي. قال كعب: هو ذاك. وهذا أيضا غريب جدا ومنكر ولا يعتمد على مثله.
وعن الوليد بن مسلم قال: لما أمر الوليد بن عبد الملك ببناء مسجد دمشق وجدوا في حائط المسجد القبلي لوحا من حجر فيه كتاب نقش، فبعثوا به إلى الوليد فبعثه إلى الروم فلم يستخرجوه، ثم بعث إلى من كان بدمشق من بقية الإسبان فلم يستخرجوه، فدل على وهب بن منبه فبعث إليه، فلما قدم عليه أخبره بموضع ذلك اللوح فوجدوه في ذلك الحائط - ويقال ذلك الحائط بناه هود ﵇ فلما نظر إليه وهب حرك رأسه وقرأه فإذا هو:
بسم الله الرحمن الرحيم، ابن آدم لو رأيت يسير ما بقي من أجلك، لزهدت في طول ما ترجو من أملك، وإنما تلقى ندمك لو قد زل بك قدمك. وأسلمك أهلك وحشمك، وانصرف عنك الحبيب وأسلمك الصاحب والقريب، ثم صرت تدعى فلا تجيب، فلا أنت إلى أهلك عائد، ولا إلى عملك زائد، فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة، وقبل الحسرة والندامة، قبل أن يحل بك أجلك، وتنزع منك روحك، فلا ينفعك مال جمعته، ولا ولد ولدته، ولا أخ تركته، ثم تصير إلى برزخ الثرى، ومجاورة الموتى، فاغتنم الحياة قبل الممات، والقوة قبل الضعف، والصحة قبل السقم، قبل أن تؤخذ بالكظم ويحال بينك وبين العمل، وكتب في زمن (١) داود ﵉.
وقال ابن عساكر: قرأت على أبى محمد السلمي عن عبد العزيز التميمي أنبأ تمام الرازيّ ثنا ابن البرامي سمعت أبا مروان عبد الرحمن بن عمر المازني يقول: لما كان في أيام الوليد بن عبد الملك وبنائه المسجد احتفروا فيه موضعا فوجدوا بابا من حجارة مغلقا، فلم يفتحوه وأعلموا به الوليد، فخرج حتى وقف عليه، وفتح بين يديه، فإذا داخله مغارة فيها تمثال إنسان من حجارة، على فرس من حجارة، في يد التمثال الواحدة الدّرة التي كانت في المحراب، ويده الأخرى مقبوضة، فأمر بها فكسرت، فإذا فيها حبتان، حبة قمح وحبة شعير، فسأل عن ذلك فقيل له لو تركت الكف لم تكسرها لم يسوس في هذا البلد قمح ولا شعير. وقال الحافظ أبو حمدان الوراق - وكان قد عمر مائة