في عزائه سبعة أيام لعظم المصيبة به، ولتوطيد البيعة لولده المذكور، وأمه يقال لها قطر الندى، وأرمنية أدركت خلافته في هذه السنة، وكان مولده يوم الجمعة الثامن عشر من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، ثم بويع له بحضرة القضاة والأمراء والكبراء في هذه السنة، وكان أول من بايعه المرتضى وأنشده أبياتا:
فأما مضى جبل وانقضى … فمنك لنا جبل قد رسا
وأما فجعنا ببدر التمام … فقد بقيت منه شمس الضحى
لنا حزن في محل السرور … فكم ضحك في محل البكا
فيا صارما أغمدته يد … لنا بعدك الصارم المنتضى
ولما حضرنا لعقد البياع … عرفنا بهداك طرق الهدى
فقابلتنا بوقار المشيب … كمالا وسنك سن الفتى
فطالبته الأتراك برسم البيعة فلم يكن مع الخليفة شيء يعطيهم، لأن أباه لم يترك شيئا، وكادت الفتنة تقع بين الناس بسبب ذلك، حتى دفع عنه الملك جلال الدولة مالا جزيلا لهم، نحوا من ثلاثة آلاف دينار، واستوزر الخليفة أبا طالب محمد بن أيوب، واستقضى ابن ماكولا. ولم يحج أحد من أهل المشرق سوى شرذمة خرجوا من الكوفة مع العرب فحجوا.
[وفيها توفى من الأعيان]
غير الخليفة
[الحسن بن جعفر]
أبو على بن ماكولا الوزير لجلال الدولة، قتله غلام له وجارية تعاملا عليه فقتلاه، عن ست وخمسين سنة
[عبد الوهاب بن على]
ابن نصر بن أحمد بن الحسن بن هارون بن مالك بن طوق، صاحب الرحبة، التغلبي البغدادي أحد أئمة المالكية، ومصنفيهم، له كتاب التلقين يحفظه الطلبة، وله غيره في الفروع والأصول، وقد أقام ببغداد دهرا، وولى قضاء داريا وماكسايا، ثم خرج من بغداد لضيق حاله، فدخل مصر فأكرمه المغاربة وأعطوه ذهبا كثيرا، فتمول جدا، فأنشأ يقول متشوقا إلى بغداد.
سلام على بغداد في كل موقف … وحق لها منى السلام مضاعف
فو الله ما فارقتها عن ملالة … وإني بشطى جانبيها لعارف
ولكنها ضاقت على بأسرها … ولم تكن الأرزاق فيها تساعف
فكانت كخل كنت أهوى دنوّه … وأخلاقه تنأى به وتخالف
قال الخطيب: سمع القاضي عبد الوهاب من ابن السماك، وكتبت عنه، وكان ثقة، ولم تر المالكية أحدا أفقه منه. قال ابن خلكان: وعند وصوله إلى مصر حصل له شيء من المال، وحسن حاله، مرض من أكلة اشتهاها فذكر عنه أنه كان يتقلب ويقول: لا إله إلا الله، عند ما عشنا متنا