للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرياض والأذكار والتبيان، وتحرير التنبيه وتصحيحه، وتهذيب الأسماء واللغات، وطبقات الفقهاء وغير ذلك. ومما لم يتممه ولو كمل لم يكن له نظير في بابه: شرح المهذب الّذي سماه المجموع، وصل فيه إلى كتاب الربا، فأبدع فيه وأجاد وأفاد، وأحسن الانتقاد، وحرر الفقه فيه في المذهب وغيره، وحرر الحديث على ما ينبغي، والغريب واللغة وأشياء مهمة لا توجد إلا فيه، وقد جعله نخبة على ما عن له ولا أعرف في كتب الفقه أحسن منه، على أنه محتاج إلى أشياء كثيرة تزاد فيه وتضاف إليه، وقد كان من الزهادة والعبادة والورع والتحري والانجماح عن الناس على جانب كبير، لا يقدر عليه أحد من الفقهاء غيره، وكان يصوم الدهر ولا يجمع بين إدامين، وكان غالب قوته مما يحمله إليه أبوه من نوى، وقد باشر تدريس الاقبالية نيابة عن ابن خلكان، وكذلك ناب في الفلكية والركنية، وولى مشيخة دار الحديث الأشرفية، وكان لا يضيع شيئا من أوقاته، وحج في مدة إقامته بدمشق، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر للملوك وغيرهم. توفى في ليلة أربع وعشرين من رجب من هذه السنة بنوى، ودفن هناك وعفا عنا وعنه.

[على بن على بن أسفنديار]

نجم الدين الواعظ بجامع دمشق أيام السبوت في الأشهر الثلاثة، وكان شيخ الخانقاه المجاهدية وبها توفى في هذه السنة، وكان فاضلا بارعا، وكان جده يكتب الإنشاء للخليفة الناصر، وأصلهم من بوشنج. ومن شعر نجم الدين هذا قوله:

إذا زار بالجثمان غيري فاننى … أزور مع الساعات ربعك بالقلب

وما كل ناء عن ديار بنازح … ولا كل دان في الحقيقة ذو قرب

[ثم دخلت سنة سبع وسبعين وستمائة]

كان أولها يوم الأربعاء وكان الخليفة الحاكم بأمر الله العباسي، وسلطان البلاد شاما ومصرا وحلبا الملك السعيد. وفي أوائل المحرم اشتهر بدمشق ولاية ابن خلكان قضاء دمشق عودا على بدء في أواخر ذي الحجة، بعد عزل سبع سنين، فامتنع القاضي عز الدين بن الصائغ من الحكم في سادس المحرم وخرج الناس لتلقى ابن خلكان، فمنهم من وصل إلى الرملة وكان دخوله في يوم الخميس الثالث والعشرين من المحرم، فخرج نائب السلطنة عز الدين أيدمر بجميع الأمراء والمواكب لتلقيه، وفرح الناس بذلك، ومدحه الشعراء، وأنشد الفقيه شمس الدين محمد بن جعفر:

لما تولى قضاء الشام حاكمه … قاضى القضاة أبو العباس ذو الكرم

من بعد سبع شداد قال خادمه … ذا العام فيه يغاث الناس بالنعم

وقال سعد الله بن مروان الفارقيّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>