بلغني أن مولده سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ومن شعره قوله:
إليك إله الخلق وجهي ووجهتى … وأنت الّذي أدعوه في السر والجهر
وأنت غياثي عند كل ملمة … وأنت ملاذي في حياتي وفي قبري
ذكره ابن الساعي عن ياقوت الحموي عن ابن لفخر الدين عنه وبه قال:
تتمة أبواب السعادة للخلق … بذكر جلال الواحد الأحد الحق
مدبر كل الممكنات بأسرها … ومبدعها بالعدل والقصد والصدق
أجل جلال الله عن شبه خلقه … وأنصر هذا الدين في الغرب والشرق
إله عظيم الفضل والعدل والعلى … هو المرشد المغوى هو المسعد المشقى
ومما كان ينشده:
وأرواحنا في وحشة من جسومنا … وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا … سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ثم يقول: لقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فلم أجدها تروى غليلا ولا تشفى عليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات ﴿الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اِسْتَوى﴾ ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ وفي النفي ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾.
[ثم دخلت سنة سبع وستمائة]
ذكر الشيخ أبو شامة أن في هذه السنة تمالأت ملوك الجزيرة: صاحب الموصل وصاحب سنجار وصاحب إربل والظاهر صاحب حلب وملك الروم، على مخالفة العادل ومنابذته ومقاتلته واصطلام الملك من يده، وأن تكون الخطبة للملك كنجر بن قلج أرسلان صاحب الروم، وأرسلوا إلى الكرج ليقدموا لحصار خلاط، وفيها الملك الأوحد بن العادل، ووعدهم النصر والمعاونة عليه.
قلت: وهذا بغى وعدوان ينهى الله عنه، فأقبلت الكرج بملكهم إيواني فحاصروا خلاط فضاق بهم الأوحد ذرعا وقال: هذا يوم عصيب، فقدر الله تعالى أن في يوم الاثنين تاسع عشر ربيع الآخر اشتد حصارهم للبلد وأقبل ملكهم إيواني وهو راكب على جواده وهو سكران فسقط به جواده في بعض الحفر التي قد أعدت مكيدة حول البلد، فبادر إليه رجال البلد فأخذوه أسيرا حقيرا، فأسقط في أيدي الكرج، فلما أوقف بين يدي الأوحد أطلقه ومنّ عليه وأحسن إليه، وفاداه على مائتي ألف دينار وألفى أسير من المسلمين، وتسليم إحدى وعشرين قلعة متاخمة لبلاد الأوحد، وأن يزوج ابنته من أخيه الأشرف موسى، وأن يكون عونا له على من يحاربه، فأجابه إلى ذلك كله فأخذت منه الايمان بذلك وبعث الأوحد إلى أبيه يستأذنه في ذلك كله وأبوه نازل بظاهر حراب في أشد حدة