فقلنا: إنا لم نجده، فجعل يقول: اقلبوا ذا، اقلبوا ذا؟ حتى جاء رجل من أهل الكوفة فقال: هو هذا؟ فقال على: الله أكبر، لا يأتيكم أحد يخبركم من أبوه، فجعل الناس يقولون: هذا مالك، هذا مالك، فقال على: ابن من؟
وقال عبد الله بن أحمد أيضا: حدثني حجاج بن الشاعر حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا يزيد بن أبى صالح أن أبا الوضى عبادا حدثه قال: كنا عائدين إلى الكوفة مع على فذكر حديث المخدج قال على: «فو الله ما كذبت ولا كذبت ثلاثا، ثم قال على: أما أن خليلي أخبرنى بثلاثة إخوة من الجن هذا أكبرهم والثاني له جمع كثير، والثالث فيه ضعف» وهذا السياق فيه غرابة جدا. وقد يمكن أن يكون ذو الثدية من الجن؟ بل هو من الشياطين إما شياطين الانس أو شياطين الجن، إن صح هذا السياق والله تعالى أعلم. والمقصود أن هذه طرق متواترة عن على إذ قد روى من طرق متعددة عن جماعة متباينة لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فأصل القصة محفوظ وإن كان بعض الألفاظ وقع فيها اختلاف بين الرواة ولكن معناها وأصلها الّذي تواطأت الروايات عليه صحيح لا يشك فيه عن على أنه رواه عن رسول الله ﷺ أنه أخبر عن صفة الخوارج وذي الثدية الّذي هو علامة عليهم. وقد روى ذلك من طريق جماعة من الصحابة غير على كما تراها بأسانيدها وألفاظها وبالله المستعان. وقد رواه جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، ورافع بن عمرو الغفاريّ، وسعد بن أبى وقاص، وأبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الأنصاري، وسهل بن حنيف، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، وعلى، وأبو ذر، وعائشة أم المؤمنين ﵃ أجمعين.
وقد قدمنا حديث على بطرقه لأنه أحد الخلفاء الأربعة وأحد العشرة وصاحب القصة. ولنذكر بعده حديث ابن مسعود لتقدم وفاته على وقعة الخوارج.
[الحديث الثاني عن ابن مسعود ﵁]
قال الامام أحمد: حدثنا يحيى بن أبى بكير ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن ذر عن عبد الله قال قال رسول الله ﷺ: «يخرج قوم في آخر الزمان سفهاء الأحلام، أحداث - أو حدثاء - الأسنان، يقولون من خير قول الناس يقرءون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن أدركهم فليقتلهم فان في قتلهم أجرا عظيما عند الله لمن قتلهم» وقد رواه الترمذي عن أبى كريب وأخرجه ابن ماجة عن أبى بكر بن أبى شيبة وعبد الله بن عامر بن ذرارة ثلاثتهم عن أبى بكر بن عياش به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ابن مسعود مات قبل ظهور الخوارج بنحو من خمس سنين فخبره في ذلك من أقوى الأسانيد.