أو ثمان أو تسع وثلاثين سنة، فكانت ولايته ثلاث سنين وستة أو ثمانية أشهر، فغلب أهل الشام هنالك وانقلبوا صاغرين، فحينئذ خدمت الحرب وطفئت نار الفتنة، ويقال: إنهم مكثوا يحاصرون ابن الزبير بعد موت يزيد نحو أربعين ليلة، ويذكر أن ابن الزبير علم بموت يزيد قبل أهل الشام فنادى فيهم: يا أهل الشام قد أهلك الله طاغيتكم، فمن أحب منكم أن يدخل فيما دخل فيه الناس فليفعل، ومن أحب أن يرجع إلى شامه فليرجع، فلم يصدق الشاميون أهل مكة فيما أخبروهم به، حتى جاء ثابت بن قيس بن القيقع بالخبر اليقين. ويذكر أن حصين بن نمير دعاه ابن الزبير ليحدثه بين الصفين فاجتمعا حتى اختلفت رءوس فرسيهما، وجعلت فرس حصين تنفر ويكفها، فقال له ابن الزبير: مالك؟ فقال: إن الحمام تحت رجلي فرسي تأكل من الروث فأكره أن أطأ حمام الحرم، فقال له: تفعل هذا وأنت تقتل المسلمين؟ فقال له حصين. فأذن لنا فلنطف بالكعبة ثم نرجع إلى بلادنا، فأذن لهم فطافوا.
وذكر ابن جرير أن حصينا وابن الزبير اتعدا ليلة أن يجتمعا فاجتمعا بظاهر مكة، فقال له حصين: إن كان هذا الرجل قد هلك فأنت أحق الناس بهذا الأمر بعده، فهلم فارحل معى إلى الشام، فو الله لا يختلف عليك اثنان. فيقال: إن ابن الزبير لم يثق منه بذلك وأغلظ له في المقال فنفر منه ابن نمير وقال: أنا أدعوه إلى الخلافة وهو يغلظ لي في المقال؟ ثم كر بالجيش راجعا إلى الشام، وقال: أعده بالملك ويتواعدنى بالقتل؟. ثم ندم ابن الزبير على ما كان منه إليه من الغلظة، فبعث إليه يقول له: أما الشام فلست آتية ولكن خذ لي البيعة على من هناك، فانى أؤمنكم وأعدل فيكم. فبعث إليه يقول له: إن من يبتغيها من أهل هذا البيت بالشام لكثير. فرجع فاجتاز بالمدينة فطمع فيه أهلها وأهانوهم إهانة بالغة، وأكرمهم على بن الحسين «زين العابدين» وأهدى لحصين ابن نمير قتا وعلفا، وارتحلت بنو أمية مع الجيش إلى الشام فوجدوا معاوية بن يزيد بن معاوية قد استخلف مكان أبيه بدمشق عن وصية من أبيه له بذلك، والله سبحانه أعلم بالصواب.
[وهذه ترجمة يزيد بن معاوية]
هو يزيد بن معاوية بن أبى سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، أمير المؤمنين أبو خالد الأموي، ولد سنة خمس أو ست أو سبع وعشرين، وبويع له بالخلافة في حياة أبيه أن يكون ولى العهد من بعده، ثم أكد ذلك بعد موت أبيه في النصف من رجب سنة ستين، فاستمر متوليا إلى أن توفى في الرابع عشر من ربيع الأول سنة أربع وستين. وأمه ميسون بنت مخول بن أنيف بن دلجة بن نفاثة بن عدي بن زهير بن حارثة الكلبي.
روى عن أبيه معاوية أن رسول الله ﷺ قال:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين». وحديثا آخر في الوضوء. وعنه ابنه خالد